إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ} المرجع هنا: مصدر ميمي، بمعنى: الرجوع، والمصدر الميمي إذا لم يكن من مادة واوية الفاء يكون قياسه (مفعَل) بفتح العين (?)، فالقياس أن يكون (المرجَع) بفتح الجيم، ولكن هذا سماع مانع للقياس، فهو مصدر ميمي على (مفعِل) سماعاً لا قياساً، ومعناه: إليه رجوعكم يوم القيامة {فَيُنَبِّئُكُم} أي: يخبركم إخبار مجازاة {بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} بالذي كنتم تختلفون فيه، يعني: أهؤلاء الذين كانوا شيعاً وفرقوا دينهم واتبعوا الأهواء والضلالات، وهؤلاء الذين كانوا على الصراط المستقيم، مرجعهم جميعاً إلى الله، فيخبرهم بالحقيقة، ويبيِّن لهم الضَّال من المُهْتدِ، ويعاملهم بحسب ما كانوا عليه من هدى وضلال، فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسه.
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (165)} [الأنعام: آية 165].
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ} قال بعض العلماء: هذه منّة تخص أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - {وَهُوَ} أي: الله {الَّذِي جَعَلَكُمْ} يا أمة محمد خلفاء الأرض؛ لأنه لا يأتي نبي بعد نبيكم، ولا شرع بعد شرعكم، فيكون الحكم في الأرض تبعاً لشرعه، بل شرعكم ودينكم هو الباقي الخالد في الأرض، المُحَكَّم في جميع مَنْ في الأرض؛ في دمائهم وأموالهم وأديانهم وأعراضهم وفروجهم فأنتم خير الأمم، وأنتم