كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يَعْلَمُونَ مَا في الصُّبْحِ والعَتْمَةِ؛ لأتوْهُما ولَوْ حَبْوًا" (?)؛ لكنه إنما سِيْقَ في مَعْرِضِ ذم المنافقين بتأخرهم عنها.

مع أنه معارضٌ بالتأكيداتِ في صلاة العصر؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ" (?)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإِنِ اسْتَطَعْتُمُ ألا تُغْلَبُوا على صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وقَبْلَ غُرُوبِها" (?)، وحمل المفسرون قوله تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (39)} [ق: 39] على صلاة الصبح، وصلاة العصر.

مع ما ثبت من التشديد في ترك صلاة العصر، ما لا يعلم ثبوته في ترك الصبح؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ، حَبِطَ عَمَلُهُ" (?)، وَ"مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ العَصْرِ فكأَنَّما وُتِرَ أَهْلَهُ، ومَالَهُ" (?).

وأما المعنى: فهو أَنَّ تخصيصَ الصلاةِ الوسطى بالمحافظة؛ لأجل المشقة، والمشقة في الصبح أكثر؛ لكونها تكون في حال طيب النوم، ولذته؛ حتى قيل: إِنَّ ألذَّ النومِ، إغفاءَةُ الصبح؛ فناسب ذلك أن تكون هي المخصوصة بالمحافظة عليها.

لكنَّه معارضٌ بما في صلاة العصر من مشقة تركِ مَعَاشِ الناس وتكسبهم، مع أنه لو لم يعارض بذلك، لكان ساقطَ الاعتبار بالنص على أنها العصر، مع أن للفضائل والمصالح مراتبَ لا يحيط بها البشر، فالواجبُ: اتباعُ النصوصِ فيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015