وأما أبو سفيان؛ فاسمه: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأمويُّ، القرشي، والد معاويةَ ويزيدَ وعتبةَ وإخوتهم، ولد قبل الفيل بعشر سنين، وكان من أشراف قريش في الجاهلية، وكان تاجرًا يجهز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها من أرض العجم، وكان يخرج أحيانًا بنفسه، وكانت إليه راية الرؤساء المعروفة بالعقاب، وكانت لا يحبسها إلا رئيس، فإذا حميت الحرب، اجتمعت قريش فوضعت تلك الراية بيد الرئيس، ويقال: أفضل قريش في الجاهلية ثلاثة: عتبة، وأبو جهل، وأبو سفيان، فلما أتى الله بالإِسلام، أدبروا في الرأي، وكان أبو سفيان صديق العباس ونديمَهُ في الجاهلية.
أسلم أبو سفيان يوم الفتح، وشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُنينا، وأعطاه من غنائمها مئة بعير وأربعين أوقية وزنَها له بلال، وأعطى ابنيه يزيدَ ومعاوية، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح: "مَنْ دخلَ دارَ أبي سفيانَ فهو آمِن" (?).
مات أبو سفيان في خلافة عثمان - رضي الله عنه - سنة ثلاث وثلاثين، وقيل: سنة اثنتين، وقيل: إحدى، وقيل: أربع وثلاثين، وصلى عليه ابنه معاوية، وقيل: بل صلى عليه عثمان بموضع الجنائز، ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وقيل: ابن بضع وتسعين سنة، وممن قتل من أولاده يوم بدر كافرًا: ابنه أبو حنظلة، وبه كانت كنيته كنية ثانية، والله أعلم (?).