وقوله: "وُكِلْتَ إلَيْها"؛ هو بالواو؛ ومعناه: أُسْلِمْتَ إليها، ولم يكن معك إعانة، بخلاف ما إذا حصلت بغير مسألة.

ووقعت الرواية في "صحيح مسلم" للفظة: أُوكلت -بالهمزة والواو-، [وجهان، قال القاضي عياض: هو في أكثرها بالهمزة، والصواب بالواو] (?)، والله أعلم (?).

وفي هذا الحديث أحكام:

منها: أن من تعاطى أمرًا، وسولت له نفسه أنه أهل له، قائم به: أنه يغلب فيه في أغلب الأحوال؛ لأن من سال الإمارة لم يسألها إلا وهو يرى نفسه أهلًا لها (?)، فيوكل إليها؛ حيث إنه تعاطاها، والمتعاطي أبدًا مخذول، بخلاف من لم يحدث نفسه بشيء من ذلك؛ فإنه لم يسأله لرؤيته نفسه بالعجز والتقصير عنه؛ حيث إنه تواضع، واعترف بوصفه، وهو النقصان أبدًا، ومن تواضع لله، رفعه الله.

ومنها: كراهة طلب الولاية مطلقًا، وقد ثبتت أحاديث في المنع، منها قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر: "لا تأمرنَّ على اثنين" (?)، ومنها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولايةُ حَسْرَةٌ ونَدامة" (?)، ومنها: حديث الكتاب: "لا تسألِ الإمارةَ".

وقد تصرف الفقهاء في هذه المسألة بالقواعد الكلية، والذي تقتضيه الأدلة من الأحاديث الصحيحة وفعل الصحابة -رضي الله عنهم-: أنه من تعين عليه أمر من الأمور، وعلم من نفسه القيام به على ما يقدر عليه من الاستطاعة فيه، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015