الثاني: أن يكون المراد: "فسبح متلبسًا بالحمد"، فتكون "الباء" دالة على الحال، وهذا يترجّح؛ لأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سبّح وحمد بقوله: "سبحانك وبحمدك". وعلى القول الأول: يكتفي بـ "الحمد" فقط، وكان تسبيح رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا الوجْه دليلًا على ترجيح المعنى الثّاني (?).
قال ابن هشام: اختلف في "الباء" في قوله: "فسبح بحمد ربك"؛ فقيل: للمُصاحبة، و "الحمد" مضاف إلى المفعول، أي: "سبِّحه حامدًا له"، أي: "نزِّهْه عما لا يليق به، وأثبت له ما يليق به". وقيل: للاستعانة، و"الحمد" مضاف إلى الفاعل، أي: "سبّحه بما حمد به نفسه"، إذْ ليس كل تنْزيه حمدًا، ألا ترى أن تنْزيه المعتزلة أفضى إلى تعطيل كثير من الصفات.
واختُلف في "سبحانك اللهم وبحمدك": فقيل: جملة واحدة، على أن "الواو" زائدة. وقيل: جملتان، على أنها عاطفة.
ومتعلّق "الباء" محذوف، أي: "وبحمدك سبّحتُك".
وقال الخطابي: المعنى: "وبمعونتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدَك سبَّحتُك، لا بحولي وقوتي". يريد: "أنه أقيم فيه المسبَّبُ مقام السبب" (?).
وقال ابن الشجري في قوله تعالى: {فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ} [الإسراء 52]: "الباء" متعلّقة بحال محذوفة، أي: "معلنين بحمده" (?).
وتقدّم الكلام على "اللهم" في الحديث الأوّل من "الاستطابة".
* * *