ولك أن تعلّق "في الناس" بالحال المقَدّرة، أي: "قام خطيبًا في الناس".
قوله: "فحمد اللَّه وأثنى عليه": أي: "قال: الحمد للَّه". وفي الحديث: "يقول العبد: الحمد للَّه رب العالمين؛ يقول اللَّه: حمدني عبدي. يقول العبد: الرحمن الرحيم؛ يقول اللَّه: أثنى عليَّ عبدي" (?). فهذا يفسّر معنى الحمدلة ومعنى الثناء.
وعطف "الثناء" على "الحمد" بـ "الواو"؛ لأنهما [لمعنًى] (?)، وَلَا يكادان يفترقان، وعطف ما أتى به بعد "الحمْد" و"الثناء" بـ "ثُم" المرتّبة، فالمعنى: أنّه لم يَفْصِل بغير ذلك.
قوله: "أمّا بعد": اعلم أنّ "أما بعد" تُستعْمَل كثيرًا في الخطَب والرسائل لفصل كلام من كلام. وقيل: إنها فصل الخطاب المذكور في كتاب اللَّه، وأنّ أوّل من تكلّم بها داود -عليه السلام-. وقيل: أوّل مَن تكلّم بها نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقيل: قُسُّ بن ساعدة. وقيل غير ذلك (?).
والعامل فيها مُشكِل، فقيل في مثل "أمّا بعد: فإنّ زيدًا قائم": العاملُ "قائم"، وإن كان في صلة "أن"؛ لأنّ الظروف يُتسَاهَل فيها، ولذلك لا يَجوز: "أمّا زيدًا فإني ضارب"؛ لأنّه ليس بظرف (?).
والذي يظهر لي: أنْ يُقَدّر فعْل يدلّ عليه معنى الكَلام، أي: "أمّا بعد كلامي