قوله: "أرأيتَ شحومَ الميتةِ": "أرأيت" هنا بمعنى: "أخبرني". وقد تقدّمت في الحديث الأوّل من "باب صفة الصلاة"، وتقدّمت قريبًا.

ومفعولها الثاني من شرطه أن يكون مقرونًا باستفهام، وهو هنا محذوفٌ يدلّ عليه الكلام، تقديره: "أرأيت شحوم الميتة أنستعملها، فإنها تُطلى بها السفن؟ "؛ فـ "تطلى بها" خبر "إن"، وصحّح الإخبار بها الضّمير في "بها"؛ لأنه لا بُد في الجملة الواقعة خبرًا من ضمير يعود على المبتدأ، واسم "إنّ" مبتدأ في الأصل، فتقدير الكلام: "الشحوم تُطلى بها السفن"، ثم أكّد الكلام بـ "إنّ"، والمعطوفُ على الخبر خبر.

قوله: "ويَستصبح بها الناسُ": مبني للفاعل، بخلاف "تُطلى بها السفن"، "وتُدهَن بها"؛ فإنهما مبنيان للمفعول، وسببُ ذلك أنهما يتعديان لمفعول به، و"استصبح" غير متعد لمفعول، لكنه لو قال: "يُستصبَح بها الناسُ" على بنائه للمفعول جاز؛ فيكون القائم مقام المفعول الذي لم يُسمّ فاعله المجرور.

ويتخرّج رفع "الناس" على إضمار فِعْلٍ، كأنّه قال: "مَن يستصبح بها؟ " فقيل: "الناسُ". أي: "يستصبح بها النّاسُ"، كقوله تعالى: "يُسَبَّح لَه فيها بالغُدو والآصَال، رِجَالٌ" (?)، على قراءةِ مَن بنَاه للمفعُول، والتقدير: "يُسَبّحه رجَالٌ" (?). ومنه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015