هَذَا بَاب الْمُؤَنَّث الَّذِي يَقع على الْمُؤَنَّث والمذكر وَأَصله التَّأْنِيث
اعْلَم أَن الْمُذكر قد يعبر عَنهُ بِاللَّفْظِ الْمُؤَنَّث فجري حكم اللَّفْظ على التَّأْنِيث وَإِن كَانَ الْمعبر عَنهُ مذكرا فِي الْحَقِيقَة، وَيكون ذَلِك بعلامة التَّأْنِيث، وَبِغير عَلامَة. فَأَما مَا كَانَ بعلامة التَّأْنِيث فقولك: هَذِه شَاة، وَإِن أردْت تَيْسًا، وَهَذِه بقرة، وَإِن أردْت ثوارا، وَهَذِه حمامة، وَهَذِه بطة وَإِن أردْت الذّكر. وَأما مَا كَانَ بِغَيْر عَلامَة فقولك: عِنْدِي ثَلَاث من الْغنم، وَثَلَاث من الْإِبِل، وَقد جعلت الْعَرَب الْإِبِل وَالْغنم مؤنثين، وَجعلت الْوَاحِد مِنْهُمَا مؤنث اللَّفْظ، كَأَن فِيهَا هَاء، وَإِن كَانَ مذكرا فِي الْمَعْنى، كَمَا جعلت الْعين وَالْأُذن وَالرجل مؤنثات بِغَيْر عَلامَة.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم لَا يُقَال: هَذِه طَلْحَة لرجل يُسمى طَلْحَة لتأنيث اللَّفْظ، كَمَا قَالُوا: هَذِه بقرة للثور. فَالْجَوَاب أَن طَلْحَة لقب وَلَيْسَ باسم مَوْضُوع لَهُ فِي الأَصْل، وَأَسْمَاء الْأَجْنَاس مَوْضُوعَة لَهَا لَازِمَة ...
فرقت الْعَرَب بَينهمَا وَقد ذكر سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْبَاب أَشْيَاء مَحْمُولَة على الأَصْل الَّذِي ذكرته، وَأَشْيَاء قريبَة مِنْهَا. وَأَنا أسوق ذَلِك وأفسر مَا أحتاج مِنْهُ إِلَى تَفْسِيره.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ: فَإِذا جِئْت بالأسماء الَّتِي تبين بهَا الْعدة أجريت الْبَاب على التَّأْنِيث فِي التَّثْلِيث إِلَى تسع عشرَة وَذَلِكَ قَوْلك: لَهُ ثَلَاث شِيَاه ذُكُور، وَله ثَلَاث من الشَّاء، فاجريت ذَلِك على الأَصْل لِأَن الشَّاء أَصْلهَا التَّأْنِيث، وَإِن وَقعت على الْمُذكر، كَمَا أَنَّك تَقول: هَذِه غنم ذُكُور فالغنم مُؤَنّثَة، وَقد تقع على الْمُذكر.
قَالَ أَبُو سعيد، يَعْنِي أَنَّهَا تقع على مَا فِيهَا من الْمُذكر من التيوس والكباش. وَيُقَال: