بَاب ذكرك الِاسْم الَّذِي تبين بِهِ الْعدة كم هِيَ مَعَ تَمامهَا الَّذِي هُوَ من ذَلِك اللَّفْظ
فبناء الِاثْنَيْنِ وَمَا بعده إِلَى الْعشْرَة فَاعل، وَهُوَ مُضَاف إِلَى الِاسْم الَّذِي يبين بِهِ الْعدَد.
ذكر سِيبَوَيْهٍ فِي هَذَا الْبَاب من كِتَابه: ثَانِي اثْنَيْنِ، وثالث ثَلَاثَة إِلَى عَاشر عشرَة. فَإِذا قلت: هَذَا ثَانِي اثْنَيْنِ، أَو ثَالِث ثَلَاثَة، أَو رَابِع أَرْبَعَة فَمَعْنَاه أحد ثَلَاثَة، أَو بعض ثَلَاثَة، أَو تَمام ثَلَاثَة.
وَقَوْلنَا فِي تَرْجَمَة الْبَاب: الِاسْم الَّذِي تبين بِهِ الْعدة كم هِيَ نعني ثَلَاثَة. وَقَوْلنَا: مَعَ تَمامهَا الَّذِي هُوَ من ذَلِك اللَّفْظ. نعني: ثَالِثا لِأَنَّهُ تَمام ثَلَاثَة، وَهَذَا التَّمام يبْنى على فَاعل، كَمَا قُلْنَا. فَيُقَال: ثَانِي اثْنَيْنِ، وثالث ثَلَاثَة، وتجري الأول مِنْهَا بِوُجُوه الْإِعْرَاب إِلَى عَاشر عشرَة. قَالَ الله تَعَالَى: {لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله ثَالِث ثَلَاثَة} . وَقَالَ {ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار} .
وَقد كنت ذكرت فِي المبنيات من أحد عشر إِلَى تِسْعَة عشر مَا فِيهِ كِفَايَة، وَلَكِنِّي اذكر هَهُنَا مِنْهُ جملَة فِيهَا مَا لم أذكرهُ هُنَاكَ، إِذْ كَانَ هَذَا بَابه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
هَذَا الْبَاب يشْتَمل على ضَرْبَيْنِ: أَحدهَا، وَهُوَ الْأَكْثَر فِي كَلَام الْعَرَب على مَا قَالَه سِيبَوَيْهٍ: أَن يكون الأول من لفظ الثَّانِي على معنى أَنه تَمَامه وَبَعضه، وَهُوَ قَوْلك: ثَانِي اثْنَيْنِ، وثالث ثَلَاثَة، وعاشر عشرَة، وَلَا ينون هَذَا فينصب مَا بعده فَيُقَال: ثَالِث ثَلَاثَة لِأَن ثَالِثا فِي هَذَا لَيْسَ يجْرِي مجْرى الْفِعْل فَيصير بِمَنْزِلَة [قَوْلك] : ضَارب زيدا. وَإِنَّمَا هُوَ بعض ثَلَاثَة، وَأَنت لَا تَقول: بعض ثَلَاثَة.