المرأة بيتا، فتبعها فاتقته بيدها، فقبل يدها، ثم ندم وانصرف فقال له1: والله ما حفظت غيبة أخيك، ولا نلت حاجتك، فخرج الأنصاري، ووضع التراب على رأسه، وهام على وجهه، فلما رجع الثقفي لم يستقبله الأنصاري، فسأل امرأته عن حاله فقالت: لا أكثر الله في الإخوان مثله، ووصفت له الحال والأنصاري يسيح في الجبال تائبا مستغفرا فطلبه الثقفي حتى وجده، فأتى به أبا بكر رجاء أن يجد عنده راحة وفرجا فقال له الأنصاري: هلكت! قال: وما أهلكك؟ فذكر له القصة فقال له أبو بكر: ويحك أما علمت أن الله يغار للغازي ما لا يغار للمقيم؟ ثم لقيا عمر فقال مثل ذلك، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال له مثل مقالتهما، فأنزل الله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} الآية.
وذكره الكلبي2 عن أبي صالح عن ابن عباس أن رجلين أنصاريا وثقفيا آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانا لا يفترقان، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، وخرج معه الثقفي، وخلف الأنصاري في أهله وحاجته، فكان يتعاهد أهل الثقفي، فأقبل ذات يوم فأبصر امرأة صاحبه قد اغتسلت وهي ناشرة شعرها، فوقعت في نفسه، فدخل ولم يستأذن حتى انتهى إليها فذهب ليقبلها فوضعت كفها على وجهها فقبل ظاهر كفها ثم ندم، واستحيا فأدبر راجعا فقالت: سبحان الله خنت أمانتك، وعصيت ربك، ولم تصب حاجتك! فندم على صنيعه فخرج يسيح في الجبال ويتقرب إلى الله من ذنبه حتى وافى الثقفي، فأخبرته أهله بفعله، فخرج يطلبه حتى دل عليه فوفقه3 ساجدا وهو يقول: رب ذنبي قد خنت أخي. فقال له يا فلان قم فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله عن ذنبك لعل الله أن يجعل لك فرجا وتوبة فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة فكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل بتوبته، فتلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم