والجملة أنهم متى أقرنوا لعدوهم وأمكنهم منعهم، والرجل المستحق ظاهر لهم معروف عندهم، فعليهم إقامته والدفع عنه.
فإن قالوا: ومن لهم بمعرفة الرجل الذي لا بعده؟
قيل: إنه ليس على الناس أن يصنعوا المعرفة، وإنما عليهم إذا عرفوه واستطاعوا إقامته أن يقيموه، ولا بد للناس أن يقوم فيهم - إذ فرض ذلك عليهم - رجل يصلح لجباية خراجهم، وإقامة صلاتهم، وسد ثغورهم، وتنفيذ أحكامهم.
فإن قالوا: فكيف تعرفون فضله ولم تقابلوا بينه وبين غيره، وأهل الفضل كثير، والفضل ممنون مستفيض؟
قيل: كما بان عند المعتزلة عمرو بن عبيد، وكما بان الحسن بن حي عند الزيدية من بينها، وكما بان مرداس بن أدية عند جميع الخوارج من بينهم، وكما علمتم من حال غيلان بدمشق، وحال عبد الله بن المبارك بخراسان. وليس أن المعتزلة اجتمعت من أقطار الأرض فقالت نعم جميعها، ولا وضعت فيه شورى، ولا تساوى منهم نفر فاحتاجوا إلى القرعة. وكذلك الزيدية في الحسن بن حي، والخوارج في مرداس بن أدية. ولكن