عزيزُ المنال.
قال يونس: "اثنان ما في الأرض أقل منهما ولا يزدادان إلا قلة: درهم يوضع في حق، وأخ يُسْكن إليه في الله".
وهذا الصديق هو الذي حثك الشاعر على التمسك به فقال:
وإذا صفا لك من زمانك واحدٌ ... فاشددْ عليه وعِشْ بذاك الواحدِ
وكلما قضى الإنسان مرحلة من عمره في الاعتبار والتجارب ازداد علماً بأن أصدقاء الفضيلة لا تسمح بهم الأيام إلا قليلاً.
وإذا بدا لك أن أصدقاءك في وقت الشباب أكثر من أصدقاءك وأنت شيخ - فإن الشاب مقبل على الحياة في شيء كبير من النشاط والارتياح؛ فيكون أسرع إلى اتخاذ الأصدقاء من الشيخ الذي ترك طولُ السنين في عظامه فتوراً، وأبقت الحوادث في صدره ضيقاً.
وإن شئت فقل: إن الشباب لم يزل على الفطرة، فيقيم صداقته على الظواهر، ولا يبالغ في نقد الناس مبالغة الشيخ الذي يحمله طول التجارب على أن يتريث في اختيار الأصدقاء.
ويضاف إلى هذا أن الشيخ لا يبلغ السن الذي يبلغه حتى يأخذ الموت من أصدقائه فوجاً أو أفواجاً.
وفَقْد الأصدقاء يترك في نفس الرجل وحشة، وربما