جاء عن أنس بن مالك في الصحيحين أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله رفيقٌ يحبُّ الرّفق". وعنه عند مسلم: "ما كان الرّفْقُ في شيءٍ إلاّ زانه، ولا نُزِعَ من شيءٍ إلاّ شانَه".
وفي حادثة الأعرابي الذي بال في مسجد رسول الله معتبر ومدّكر؛ حيثُ يَدْخُل ذلك الأعرابيّ إلى المسجد والصحابة جلوسٌ حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحسر الأعرابي حسراً شديداً حتى أنه بال في ناحية من المسجد! فستشاطّ غضبُ الصحابة وهرعوا إليه يزجرونه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن فعلهم هذا، فلما فرغ من حاجته، ناداه فقال له: "يا هذا إن المساجد ما بنيت لهذا" كلمات لطيفة تخرج في رحمة وإشفاق تلامس شِغَافَ رجُلِ البادية، فيرفرفُ قلبُه حبُوراً لها، ويقول في ذهول: "اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا".
لطالما أحاطت الندامة بصديقين خاضا غمار الحياة يجدفان على قارب الحبّ بمجاديف الوفاء والإخاء، وفي لحظة غضب تثور عاصفة المشاحنة وتهدر أمواج اللوم ويعظم الخطب بالقارب الجميل ليخرج عن المسار الصحيح ويرتطم بصخرة الخصومة غارقاً في