أعدمك الله عقلاً أحلّك من قريش هذا المحلّ. فرحم الله معاوية ما كان أحكَمه وأحلَمه.
ومما يحسن الإشارة إليه هاهنا، ونحن في سياق الحديث عن الأسلوب الأنسب للعتاب؛ التحذير من الإلحاح ومجاوزة الحد وإلقاء التهمة، فإنّ ذلك يضّر بالصديق ولا يجدي له شيئا، وفي الأوّل يقول ابن زُرَيق البغدادي في قصيدته اليتيمة:
جاوزتِ في لوْمِهِ حدّاً أضرّ به ... من حيث قدّرت أنّ اللّومَ ينفعهُ
ومنه قول المتنبي في مرثيّته:
ويزيدني غضب الأعادي قسوة ... ويلمّ بي عتب الصديق فأجزع
أمّا توجيه التهمة إذا صاحبه عنف في الخطاب، ونبرةٌ حادّة في الصوت، فهو عين العتَب المذموم، ولربّما اضطره ذلك إلى تبرِئتِ نفسه فيقابل الحجر بالحجر، لتشتعل شرارة اللوم مضرمةً النار في وقود الكبرياء، فتتصعّد القضية وتوغر في صدره، ويتعسر حينها إطفاء الحريق.