قبيح فعلهم حسنا، وظاهر غدرهم وفاءً، وهذا محض الكرم، ولباب الفضل، وبمثل هذا يَلزم ذوي الفضل أن يتأوّلوا الهفوات من إخوانهم.
وعلى هذا النحو كان خالد بن صفوان لمّا مر به صديقان، فعرج عليه أحدهما وطواه الآخر، فقيل له في ذلك، فقال: عرج علينا هذا لفضله، وطوانا ذاك لثقته.
ولئن كان العتاب باب فضل وخير فما هو ببالغ مزيّة التغاضي والمغفرة، وهل العتاب إلا سبيل إلى المغفرة والصفح؟! قال أعرابي لصاحب له:
قد درن ذات بيننا، فهلم إلى العتاب لنغسل به هذا الدرن، فقال له صاحبه:
إن كان كما تصف فذاك لبادرة ساءتك مني، إما لك وإما لي، فهلا أخذت بقول القائل:
إذا ما أتت من صاحب لك زلة ... فكن أنت محتالاً لزلته عذرا
والله لا صفت مودتنا، ولا عذب شربها لنا إلا بعد أن يغفر كل واحد منا لصاحبه ما يغفره لنفسه من غير منّ ولا أذى.
وسبب ذلك كون العتاب غير مأمون العواقب، ولا مضمون النتيجة، وهذا ما أدركه الشاعر الذي يقول: