والغرف والسرائر، ولما لها من هذه المنزلة الكبيرة، كانت من أهلها بالرعاية جديرة، فلا ترى المتحابين بجلال الله كثيريّ اللوم والعتاب، بل إنه يغلب عليهم في التعامل الصفح والتسامح، ولا غرابة في ذلك مادامت علاقاتهم عن شوائب الدنيا وصخبها ومصالحها خالصة وبعيدة.
وليس اللوم والعتاب بشيمة لأهل النفوس الكريمة، ولا بمسلك ومذهب لأولي الألباب والأرب، ومن كان ذا طبع سليم، وخلق كريم، فإنه يربأ بالنفس عن كثرة اللوم والمعاتبة، لعلمه ما في ذلك من العواقب الموجبة لإيراث النفرة، وتوليد الرهبة، وإيجاب السآمة والملل.
فَدَعِ العِتَابَ فَرُبَّ شَـ ... ــــــــــــرٍّ هاجَ أوّلُهُ عِتَاب
وكما أنك لا تجد في عقد الصداقة عقدة هي أودى ببريقه من العتاب، فإنك لن تعدم في تلك العقدة شراً تكفه بله تصلُ طرفي العقد ليكتمل حسنه وينتظم رسمه، وبذلك تدرك أن تلك الأداة الحساسة جداً ذاتِ حدّين فتسأل حينئذٍ:
متى أعاتب؟
وكيف أعاتب؟
وماذا بعد العتاب؟