أَنْ أُسَائِلهَا عَنْك فَتُذَكِّرنِي بِك وَبِتِلْكَ اَلْأَيَّام اَلسَّعِيدَة اَلَّتِي قَضَيْتهَا مَعَك فِي بوجيفال وَذِكْرَى تِلْكَ اَلْأَيَّام هِيَ اَلْعَزَاء اَلْبَاقِي لِي عَنْ جَمِيع مَا خَسِرَتْ يَدِي.
مَا كُنْت أَظُنّ يَا أَرْمَان أَنَّ جِسْم اَلْإِنْسَان يَحْتَمِل كُلّ هَذِهِ اَلْآلَام اَلَّتِي أُكَابِدهَا فَلَقَدْ تَمُرّ بِي سَاعَات أَعْتَقِد فِيهَا أَنَّ اَلْأَلَم اَلَّذِي أُكَابِدهُ إِنَّمَا هُوَ أَلَم اَلنَّزْع وَأَنَّنِي فِي اَلسَّاعَة اَلْأَخِيرَة مِنْ سَاعَات حَيَاتِي فَإِذَا استفقت قُلْت فِي نَفْسِي هَذَا أُلِمّ اَلْمَرَض وَقَدْ عَجَزَتْ عَنْهُ فَمَنْ لِي بِاحْتِمَال أَلَم اَلْمَوْت ? عَلَى أَنَّ نَفْسِي تُحَدِّثنِي أَحْيَانًا أَنَّهُ إِنْ قَدَّرَ لِي أَنَّ أَرَاك بِجَانِبِي فِي يَوْم مِنْ أَيَّام بَرِئَتْ مِنْ مَرَضِي وَتَرَاجَعَتْ نَفْسِي وَعُدْت إِلَى رَاحَتِي وَسُكُونَيْ فَهَلْ يَقْدِر لِي اَللَّه ذَلِكَ ? لَا أَعْلَم فَالْمُسْتَقْبَل بِيَد اَللَّه فَلْيُقَدِّرْ اَللَّه مَا يَشَاء وَلِيَفْعَل مَا يُرِيد.
لَمْ أُفَارِق سَرِيرِي مُنْذُ أَيَّام إِلَّا صَبَاح هَذَا اَلْيَوْم فَجَلَسَتْ قَلِيلًا بِجَانِب نَافِذَتِي وَأَشْرَقَتْ مِنْهَا عَلَى اَلْحَيَاة اَلْعَامَّة فَوَقْع نَظَرِيّ عَلَى كَثِير مِمَّنْ كُنْت أَعْرِفهُمْ مِنْ قَبْل شائرين فِي طَرِيقهمْ لَاهِينَ مُغْتَبِطِينَ وَلَمْ أَرَ مَنْ وَقَعَ نَظَره إِلَى نَوَافِذ غُرْفَتِي مَرَّة وَاحِدَة كَأَنَّمَا يَمُرُّونَ بِبَيْت يُعَرِّفْنَهُ وَلَا عَهْد لَهُمْ بِهِ مِنْ قَبْل.
مَا اشد وَحْشَتِي وَمَا أُضَيِّق صَدْرِي وَمَا اثقل هَذَا اَلْجِدَار اَلَّذِي يَدُور حَوْلِي؟