أَعْمَالهم فِي ريب من الزَّمَان وَفِي شكّ

انْظُرُوا إِلَيْهِم كَيفَ نضبت لَهُم تِلْكَ الْمِيَاه وذبلت مِنْهُم تِلْكَ الشفاه وتكسرت عِنْد سقوطهم تِلْكَ الوجنات وتثلمت تِلْكَ الجباه وتغيرت الْأَحْوَال وانكمشت الآمال وَبقيت شاهدة عَلَيْهِم تِلْكَ الرسوم والأطلال

رفعت عرشك فِي الدُّنْيَا وتهت بِهِ ... وَمَا بهَا للبيب ترفع الْعَرْش

وَبت فِيهَا على فرش ملينة ... وَلَو عقلت لما لانت لَك الْفرش

وظلت تسْعَى لآمال وتفرشها ... وللمواريث مَا تسْعَى وتفترش

كم كَانَ قبلك من مأسور رغبته ... بالحرص تلدغ جنباه وتنتهش

يُمْسِي وَيُصْبِح فِي حل وَفِي ظعن ... يضم هَذَا إِلَى هَذَا ويحتوش

عطشان لِلْمَالِ محماة جوانحه ... ألْقى على صَدره لِسَانه الْعَطش

حَتَّى إِذا قيل قد تمت مطالبه ... وَطَاف من حوله أهلوه واحتوشوا

مدت إِلَيْهِ يَد للْمَوْت باطشة ... خشناء لَا دهش فِيهَا وَلَا رعش

فقصعته وقدما كَانَ ذَا جيد ... واجهشته وَلما يدر مَا الجهش

فَبَاتَ مستلبا وَبَات وَارثه ... وَقد تغطوا بِذَاكَ المَال وافترشوا

أما سَمِعت بأملاك مضوا قدما ... شم الأنوف بروض الْملك قد عرشوا

إِن دوفعوا دفعُوا أَو زوحموا زحموا ... أَو غولبوا غلبوا أَو بوطشوا بطشوا

جَاءَتْهُم وجنود الله غالبة ... كتائب للمنايا كلهَا حبش

فضعضعت جنبات عزهم ورمت ... منارهم بظلام مَا بِهِ غبش

لطال مَا أكلُوا وَطَالَ مَا تسربوا ... وَطَالَ مَا رفعوا الآجام واعترشوا

مروا فَلَا أثر مِنْهُم بدارهم ... وَلَا حسيس وَلَا ركز وَلَا وقش

قد كَانَ للْقَوْم آمال مبسطة ... فَأَصْبحُوا قبضوا الآمال وانكمشوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015