قد سَمِعت رَحِمك الله بعطش هَذَا الْيَوْم والتهابه وَمَا يصل إِلَى الْقُلُوب من أواره واحتراقه وَأَن المَاء فِي ذَلِك الْيَوْم أعز مَوْجُود وَأعظم مَفْقُود وَأَن لَا منهل مورود إِلَّا حَوْض صَاحب الْمقَام الْمَحْمُود صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا مشرب لأمته سواهُ وَلَا تبرد أكبادهم إِلَّا بِهِ وَأَن الشربة مِنْهُ تروي من الظمأ وتشفي من الصدى وَتذهب كل دَاء فَلَا يظمأ شاربها وَلَا يسقم بعْدهَا أبدا وَأَنَّهَا ترد الْعقل العازب والشباب الذَّاهِب ويؤوب مَعهَا من الزَّمن الصَّالح مَا لم يكن قبل بآيب وانه لَا يرد ذَلِك الْحَوْض إِلَّا من ورد فِي الدُّنْيَا حَوْض شرعته وَتمسك بسنته وَتُوفِّي على مِلَّته وَإِلَّا فيجلى عَنهُ وَلَا يدنو مِنْهُ وَلَا يكَاد وَيضْرب عَنهُ ضربا تتقطع لَهُ الجوانح والأكباد
وَأَنا أذكر لَك من أَحَادِيث الْحَوْض مَا يسر الله عز وَجل
ذكر مُسلم من حَدِيث ثَوْبَان أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِنِّي لبعقر حَوْضِي أذود النَّاس عَنهُ لأهل الْيمن أضْرب بعصاي حَتَّى يرفض عَلَيْهِم فَسئلَ عَن عرضه فَقَالَ من مقَامي إِلَى عمان وَسُئِلَ عَن شرابه فَقَالَ أَشد بَيَاضًا من اللَّبن وَأحلى من الْعَسَل يفت فِيهِ مِيزَابَانِ يمدانه من الْجنَّة أَحدهمَا من ذهب وَالْآخر من ورق
وَعَن أبي ذَر قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا آنِية الْحَوْض قَالَ وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ لآنيته أَكثر من عدد نُجُوم السَّمَاء وكواكبها فِي اللَّيْلَة الْمظْلمَة المصحية آنِية الْجنَّة من شرب مِنْهَا لم يظمأ آخر مَا عَلَيْهِ يشخب فِيهِ مِيزَابَانِ من الْجنَّة من شرب مِنْهُ لم يظمأ عرضه مثل طوله مَا بَين عمان إِلَى أَيْلَة مَاؤُهُ أَشد بَيَاضًا من