أما تقلب الْقُلُوب فانتزاعها من أماكنها فتغص بهَا الْحَنَاجِر فَلَا هِيَ تخرج وَلَا هِيَ ترجع إِلَى موَاضعهَا قَالَ الله تَعَالَى {وَأَنْذرهُمْ يَوْم الآزفة إِذْ الْقُلُوب لَدَى الْحَنَاجِر كاظمين مَا للظالمين من حميم وَلَا شَفِيع يطاع}
وَأما تقلب الْأَبْصَار فَمن الْكحل إِلَى الزرق وَمن الْبَصَر إِلَى الْعَمى قَالَ الله تَعَالَى {ونحشر الْمُجْرمين يَوْمئِذٍ زرقا}
وَقَالَ سُبْحَانَهُ {ونحشرهم يَوْم الْقِيَامَة على وُجُوههم عميا وبكما وصما مأواهم جَهَنَّم كلما خبت زدناهم سعيرا}
فتفكر فِي بهتك وحيرتك وانكسارك وذلتك وافتقارك وقلتك يَوْم لَا تَجِد إِلَّا عَمَلك الَّذِي عملت وسعيك الَّذِي سعيت قَالَ الله تَعَالَى {يَوْم تَجِد كل نفس مَا عملت من خير محضرا وَمَا عملت من سوء تود لَو أَن بَينهَا وَبَينه أمدا بَعيدا ويحذركم الله نَفسه}
وَأنْشد بَعضهم من قصيدة
وَاذْكُر رقادك فِي الثرى ... فِي قَعْر مظْلمَة بهيم
قد نحيت تِلْكَ الحلى ... واستبدلت تِلْكَ الرسوم
واعتضت من حلل الْغنى ... وحلاه خلقان العديم
وَتركت وَيحك مُفردا ... لَا أهل فِيهِ وَلَا حميم
حيران تفزع للبكا ... لهفان تأنس بالغموم
حَتَّى يُنَادى بالورى ... فتقوم أسْرع مَا تقوم
عُرْيَان مصطفق الحشا ... هيمان مُجْتَمع الهموم
وَالنَّاس قد رجفت بهم ... حَرْب هنالكم عقيم
فِي مأزق تهفو بِهِ ... لفحات نيران السمُوم