تركت فِي الْحَيّ أصفيائي ... وحيل مَا بَينهم وبيني

قد بنت عَنْهُم أُخْرَى اللَّيَالِي ... لَيْسَ كبين الْحَيَاة بيني

وسوف ينسونني وشيكا ... من بعد خمسين واثنتين

إِن كَانَ دين الْحَيَاة ديني ... فسرني أَن قضيت ديني

وَمِمَّا وجد على قبر مَكْتُوبًا

إِن الحبيب من الأحباب مختلس ... لَا يمْنَع الْمَوْت حجاب وَلَا حرس

وَكَيف تفرح بالدنيا ولذتها ... يَا من عَلَيْهِ يعد اللَّفْظ وَالنَّفس

أَصبَحت يَا غافلا فِي النَّقْص منغمسا ... وَأَنت دهرك فِي اللَّذَّات تنغمس

لَا يرحم الْمَوْت ذَا جهل لغرته ... وَلَا الَّذِي كَانَ مِنْهُ الْعلم يقتبس

كم أخرس الْمَوْت من قبر وقفت بِهِ ... عَن الْجَواب لِسَانا مَا بِهِ خرس

قد كَانَ قصرك معمورا لَهُ شرف ... فقبرك الْيَوْم فِي الأجداث مندرس

وَأمر أَبُو الْعَلَاء بن زُهَيْر وَكَانَ طَبِيب عصره أَن يكْتب على قَبره

ترحم بِفَضْلِك يَا وَاقِفًا ... وَأبْصر مَكَانا دفعنَا إِلَيْهِ

تُرَاب الضريح على صفحتي ... كَأَنِّي لم أَمْشِي يَوْمًا عَلَيْهِ

أداوي الْأَنَام حذار الْمنون ... فها أَنا قد صرت رهنا لَدَيْهِ

وَوجد على قبر مَكْتُوبًا

أَنا مَشْغُول بذنبي ... عَن ذنُوب العالمينا

وخطايا موبقات ... تركت قلبِي حَزينًا

وَلَقَد كنت جَلِيلًا ... فِي عُيُون الناظرينا

صرت فِي ظلمَة قَبْرِي ... خَالِيا فِيهِ رهينا

فِي ثرى الأَرْض وحيدا ... فِي جوَار الهالكينا

وَتركت الْأَهْل والما ... ل لعمري والبنينا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015