وَمن غفل عَن ذكره وجده حُفْرَة من حفر النَّار
وَقَالَ أَحْمد بن حَرْب رَحمَه الله تتعجب الأَرْض مِمَّن يمهد مضجعه وَيُسَوِّي فرَاشه للنوم تَقول يَا ابْن آدم أَلا تذكر طول رقادك فِي جوفي وَمَا بيني وَبَيْنك شَيْء
وَأنْشد بَعضهم
يَا لَيْتَني والأماني غير طائلة ... إِلَّا تعلل مشغوف بهَا شغلا
علمت أَي بِلَاد الله مضطجعي ... إِذا تبَاين عني الرّوح وانفصلا
لعلني أَن أشوب أدمعي بدمي ... فِيهِ واشرح من حزني بِهِ جملا
وَأَن أسوي من تربائه بيَدي ... حَتَّى يكون وثير الْمس معتدلا
هَيْهَات هَيْهَات مَا للقبر تَسْوِيَة ... إِلَّا الْيَقِين وَإِلَّا القَوْل والعملا
وَمر عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ بالمقابر فَوقف عَلَيْهَا فَقَالَ السَّلَام عَلَيْكُم أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة أَنْتُم لنا سلف وَنحن لكم تبع وبكم عَمَّا قَلِيل لاحقون اللَّهُمَّ اغْفِر لنا وَلَهُم وتجازو عَنَّا وعنهم طُوبَى لمن ذكر الْمعَاد وَعمل لِلْحسابِ وقنع بالكفاف وَرَضي فِي جَمِيع أَحْوَاله عَن الله تَعَالَى
ثمَّ قَالَ يَا أهل الْقُبُور أما الزَّوْجَات فقد نكحت وَأما الديار فقد سكنت وَأما الْأَمْوَال فقد قسمت هَذَا خير مَا عندنَا فَمَا خير مَا عنْدكُمْ ثمَّ الْتفت إِلَى أَصْحَابه فَقَالَ أما أَنهم لَو تكلمُوا لقالوا وجدنَا خير الزَّاد التَّقْوَى
ويروى أَن رجلا دخل على عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ فَرَآهُ قد تغير لَونه من كَثْرَة الْعِبَادَة واستحالت صفته فَجعل يتعجب من تغير لَونه فَقَالَ لَهُ عمر يَا ابْن أخي وَمَا تعجبك مني فَكيف لَو رَأَيْتنِي بعد دُخُول قَبْرِي بِثَلَاث وَقد خرجت الحدقتان فسالتا على الْخَدين وتقلصت الشفتان عَن