وأنشدوا

يَا نَائِما والمنون يقْضى ... وغائبا وَالْحمام أوفى

جَاءَك أَمر وَأي أَمر ... طم على غَيره وَعفى

هَل بعد هَذَا المشيب شَيْء ... غير تُرَاب عَلَيْك يحفى

فَلَيْسَ ذَا الْأَمر بالهويني ... وَلَا بِشَيْء عَلَيْك يخفى

من بَعْدَمَا الْمَرْء فِي براح ... يَهْتَز تيها بِهِ وظرفا

سَاكن نفس قرير عين ... يرشف ثغر النَّعيم رشفا

إِذْ عصفت فِي ذراه ري ... ح تقصف كل الظُّهُور قصفا

فَبَاتَ فِي أَهله حصيدا ... قد جعفته الْمنون جعفا

فَعَاد ذَاك النَّعيم بؤسا ... وَصَارَ ذَاك السّكُون رجفا

وسيق سوقا إِلَى ضريح ... يرصف بالرغم فِيهِ رصفا

وَبَات للدود فِيهِ طعما ... وللهوام العطاش رشفا

وليته لم يكن رهينا ... بِكُل مَا قد هفا وأهفا

ولعلك قد كنت فِي الدُّنْيَا مِمَّن يشكو تَبْدِيل الْمنَازل وَإِن كَانَت حسانا وَيكثر فِيهِ تلونا وافتنانا وَلَا ترى لِرَبِّك عز وَجل فِيهَا تفضلا وَلَا امتنانا

فَانْظُر الْآن كم بَين المنزلتين وَكم قدر مَا بَين الوحشتين إِلَّا أَن يدركك فيض الرَّحْمَة وتغشاك رَوَائِح الْمِنَّة فتتسع من الْقَبْر أقطاره وتمتد أنواره وَيكثر مؤنسوه وزواره

وأنشدوا فِي هَذَا الْمَعْنى

من كَانَ يوحشه تَبْدِيل منزله ... وَأَن يُبدل مِنْهَا منزلا حسنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015