اعْلَم رَحِمك الله أَن هَذَا أَمر إِذا ذكر حَقِيقَة ذكره انفطرت لَهُ الْقُلُوب وتشققت وانصدعت لَهُ الأكباد وتقطعت وَلَوْلَا أَن الْآجَال محدودة والأنفاس مَعْدُودَة فَلَا يتَجَاوَز ذَلِك الْمَحْدُود وَلَا يُزَاد على ذَلِك الْمَعْدُود لزهقت الْأَنْفس عِنْد أول ذكره زهوقا لَا تَجِد لسرعته طعم وَفَاة بل تكَاد تنعدم مَعَه انعداما لَا تعود مَعَه إِلَى وجود وَلَا حَيَاة وَلكنهَا مربوية مُدبرَة مقهورة مصرفة تخرج إِذا أذن لَهَا فِي الْخُرُوج وتلج إِذا أذن لَهَا فِي الولوج وَقد كتب عَلَيْهَا الْوُجُود والبقاء فَلَا انعدام وَلَا مطمع لَهَا فِي ذَلِك وَلَا مرام
وَمَا يمْنَع الْقُلُوب رَحِمك الله من الانشقاق والانصداع والانفطار والانقطاع وَالَّذِي يلقى الْمَخْتُوم لَهُ بِهَذِهِ الخاتمة عَذَاب لَا تقوم السَّمَوَات وَالْأَرْض لِشِدَّتِهِ وَلَا آخر لمدته وَمَا منا أحد إِلَّا وَيخَاف أَن يكون هُوَ وَمَا الَّذِي أَمنه مِنْهُ وَمَا الَّذِي حاد بِهِ عَنهُ والخاتمة مغيبة وَالْعَاقبَة مستورة والأقدار غالبة وَالنَّفس كَمَا تَدْرِي والشيطان مِنْهَا بِحَيْثُ تَدْرِي وَهِي مصغية إِلَيْهِ ملتفتة نَحوه مقبلة عَلَيْهِ