وَيُقَال إِن الْكَعْبَة لم تخل من طائف يطوف إِلَّا يَوْم مَاتَ الْمُغيرَة بن حَكِيم فَإِنَّهَا خلت لانحشار النَّاس بجنازته تبركا بهَا ورغبة فِي الصَّلَاة عَلَيْهَا
وَقد شوهد من جنائز الصَّالِحين من تشيعها الطير وتسير مَعهَا حَيْثُ سَارَتْ حدث بذلك الثِّقَات
وَذكر أَبُو الْحسن بن جَهْضَم قَالَ أخبرنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر أَبُو الْحسن سَاكن دمشق قَالَ سَمِعت أَبَا بكر الْمصْرِيّ يَقُول لما مَاتَ أَبُو الْفَيْض ذُو النُّون الْمصْرِيّ بالجيزة حمل فِي قَارب مَخَافَة أَن تتقطع الجسور من كَثْرَة من شيع جنَازَته من النَّاس وَكنت قَائِما مَعَ النَّاس على كوم أنظر فَلَمَّا أخرج من القارب وَوضع على الْجِنَازَة يَعْنِي النعش وَحمله الرِّجَال على أَعْنَاقهم رَأَيْت طيورا خضرًا قد اكتنفت الْجِنَازَة ترفرف عَلَيْهَا حَتَّى عطف بِهِ إِلَى حمام المغار وَغَابَ عني قَالَ أَبُو بكر فَحدثت بِهِ خَالِي الْحسن بن يحيى فَقَالَ قد رَأَيْت مثل هَذِه الطُّيُور على جَنَازَة أبي إِبْرَاهِيم الْمُزنِيّ وَذكر مرثاة رثى بهَا فَقَالَ مِنْهَا
وَرَأَيْت أعجب مَا رَأَيْت وَلم أكن ... من قبل ذَاك رَأَيْته لمشيع
طيرا ترفرف نعشه وتحفه ... حَتَّى توارى فِي حجاب المضجع
قد احْتَجِبْنَ عَن الْعُيُون وَلم أحط ... علما بكنه مسيره فِي الْمرجع
وأظنها رسل الاله تنزلت ... وَالله أعلم فَوق ذَاك الشرجع
وَيجب أَلا يحتقر أحد من الْمُسلمين وَإِن كَانَ ظَاهر الفسوق فَلَعَلَّ لَهُ بطانة من خير وخبيئة من عمل صَالح وَلِأَنَّهُ أَيْضا قد صَار إِلَى أرْحم الرَّاحِمِينَ
وَحكى أَن رجلا من المنهمكين فِي الْفساد مَاتَ فِي نواحي الْبَصْرَة فَلم تَجِد امْرَأَته من يعينها على حمل جنَازَته إِذْ لم يدر بهَا أحد من جِيرَانه لِكَثْرَة فسقه وتحامي النَّاس لَهُ فاستأجرت امْرَأَته حمالين يحملونه إِلَى الْمصلى فَمَا صلى عَلَيْهِ أحد فَحَمَلُوهُ إِلَى الصَّحرَاء ليدفنوه بهَا وَكَانَ بِالْقربِ من الْموضع جبل فِيهِ رجل من