لم يقل هَذَا القَوْل ذُو النُّون الْمصْرِيّ رَحمَه الله لجهله بِاللَّه تَعَالَى لكنه كَانَ يسْتَقلّ مَعْرفَته وَصدق فِي هَذَا فشأن الله أجل وَأعظم من أَن يحاط بمعرفته أَو يبلغ كنه وَصفه
ويروى عَن عبد الله بن شبْرمَة أَنه قَالَ دخلت مَعَ عَامر الشّعبِيّ على مَرِيض نعوده فَوَجَدنَا لما بِهِ وَرجل يلقنه الشَّهَادَة وَيَقُول لَهُ
قل لَا إِلَه إِلَّا الله وَهُوَ يكثر عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الشّعبِيّ ارْفُقْ بِهِ فَتكلم الْمَرِيض وَقَالَ إِن يلقني أَو لَا يلقني فَإِنِّي لَا أدعها ثمَّ قَرَأَ {وألزمهم كلمة التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَق بهَا وَأَهْلهَا} فَقَالَ الشّعبِيّ الْحَمد لله الَّذِي نجى صاحبنا
وَحكى أَن قوما من أَصْحَاب الشبلي قَالُوا لَهُ عِنْد مَوته قل لَا إِلَه إِلَّا الله
فَأَنْشد
إِن بَيْتا أَنْت ساكنه ... غير مُحْتَاج إِلَى السرج
وعليلا أَنْت زَائِره ... قد أَتَاهُ الله بالفرج
وَجهك المأمول حجتنا ... يَوْم تَأتي النَّاس بالحجج
لَا أتاح الله لي فرجا ... يَوْم أَدْعُو مِنْك بالفرج
يُرِيد الشبلي أَن الْقلب إِذا امْتَلَأَ واشتغل بعظمة الله وجلاله لم يحْتَج إِلَى مُنَبّه ينبهه وَلَا إِلَى مُذَكّر يذكرهُ
ويروى أَن الْجُنَيْد بن مُحَمَّد دخل على بعض الْمَشَايِخ فَوَجَدَهُ فِي سِيَاق الْمَوْت فَقَالَ لَهُ الْجُنَيْد قل لَا إِلَه إِلَّا الله فَنظر إِلَيْهِ الشَّيْخ شزارا فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْجُنَيْد فَلم يقلها فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَلم يتَكَلَّم فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ يَا جُنَيْد تذكرني بِالتَّوْحِيدِ وَأَنا مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة أبْكِي عَلَيْهِ وَلَا أسلو عَنهُ يَا جُنَيْد إِنِّي مشَاهد