فَخرج اللَّبن من طعنته فَقَالَ الله أكبر وَعلم أَنه يَمُوت فَجعل جُلَسَاؤُهُ يثنون عَلَيْهِ خيرا فَقَالَ وددت أَن أخرج من الدُّنْيَا كفافا كَمَا دخلت لَا عَليّ وَلَا لي وَالله لَو كَانَ لي الْيَوْم مَا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس لافتديت بِهِ من هول المطلع
وَلما احْتضرَ غشي عَلَيْهِ وَرَأسه فِي الأَرْض فَوضع ابْنه عبد الله رَأسه فِي حجره فَلَمَّا أَفَاق قَالَ لَهُ ضع رَأْسِي على الأَرْض كَمَا أَمرتك فَقَالَ لَهُ ابْنه يَا أَبَت وَهل الأَرْض وحجري إِلَّا سَوَاء قَالَ ضع رَأْسِي على الأَرْض كَمَا أَمرتك فَوَضعه
قَالَ فَمسح خديه بِالتُّرَابِ ثمَّ قَالَ ويل لعمر ويل لعمر ويل لأم عمر إِن لم يغْفر الله لعمر فَإِذا قضيت فَأَسْرعُوا بِي إِلَى حفرتي فَإِنَّمَا هُوَ خير تقدمونني إِلَيْهِ أَو شَرّ تضعونه عَن رِقَابكُمْ
وَلما احْتضرَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ جعل يَقُول وَدَمه يسيل لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين اللَّهُمَّ إِنِّي أستعين بك على أموري وَأَسْأَلك الصَّبْر على بلائي
وَلما احْتضرَ سلمَان الْفَارِسِي رَضِي الله عَنهُ بَكَى فَقيل لَهُ مَا يبكيك قَالَ وَالله مَا أبْكِي جزعا من الْمَوْت وَلَا حرصا على الدُّنْيَا وَلَكِن عهد عَهده إِلَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ ليكن بَلَاغ أحدكُم من الدُّنْيَا كزاد الرَّاكِب فَلَمَّا مَاتَ نظر فِي جَمِيع مَا ترك فَإِذا قِيمَته ثَلَاثُونَ درهما وَقد كَانَ أَمِيرا على الْمَدَائِن مَدَائِن كسْرَى
ويروى أَن امْرَأَته قَالَت وَهُوَ فِي الْمَوْت واحزناه فَقَالَ سلمَان بل واطرباه غَدا نلقى الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَحزبه
وَمثل هَذَا الققول يرولاى أَيْضا عَن بِلَال رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ عِنْد مَوته غَدا نرى الْأَحِبَّة مُحَمَّدًا وَحزبه
ويروى أَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ لما دنا مِنْهُ الْمَوْت دَعَا بحرسه وَرِجَاله فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهِ قَالَ هَل تغنون عني من الله شَيْئا قَالُوا لَا قَالَ فافترقوا عني ثمَّ دَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء ثمَّ قَالَ احْمِلُونِي إِلَى الْمَسْجِد