وعلى أن الأمر للوجوب فقهاء الجعفرية من شيعة آل البيت والمالكية - كما عرفنا - والشافعية - في كتاب الأم جـ 3 ص 261.
ورجح هذا الرأي الدكتور عبد الكريم زيدان لأنه الأصل، ولبيان حرص الشريعة على الوفاق بين الزوجين.
[المفصل جـ 8 ص 416]
وشدد الإمام ابن العربي المالكي في الأمر عندما أوجب على القاضي أن يرسل الحكمين بمجرد أن يعلم بالشقاق سواء رفُع إليه الأمر أم لم يُرفع.
يقول: لأنه انتظار رفع الأمر إليه يُضيع من حقوق الله من لا جبر له.
[أحكام القرآن القرطبي جـ 1 ص 427]
ولعل الأقرب إلى الواقع ما ذكره الجصاص في أحكام القرآن من ضرورة إرسال الحكمين بعد أن يُرفع للقضاء.
فلعل بعض الأسر تعالج مشكلاتها في سرية، ولا تحب أن يطلع أحد عليها. وواضح من الآية الكريمة أن يكون الحكمان من أسرة الزوجين. {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}
هذا إن تيسر من أهلهما. فإن تعسر ذلك فمن جيرانهما، لأن الجار أدرى بجاره، أو ممن نظن فيهما الخير. كالمجالس النيابية في عصرنا. والأئمة والدعاة. ولا يشترط الإمام الشافعي الذكورة. فيجوز إرسال النساء إن وثقن في قدرتهن. [مغني المحتاج جـ 3 ص 261]
ومع إيجاز الآية الكريمة فقد بينت مهمة الحكمين.
وهي إرادة الإصلاح: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} ومنهج الإصلاح واحد في أصله. وإن كان يختلف في طرق العلاج من أسرة إلى أخرى.