قَالَ: "وَأَوَّلُ يَوْمٍ جِئْتُهُ أَنَا وَأَخِي شَمْلَةُ انْقَلَبْنَا مِنَ الكُتَّاب1، فعمِدَتْ أُمِّي إِلَيْنَا فَأَلْبَسَتْنَا ثِيَابًا، وَأَخَذَتْ دَفْتَرًا لِي قَدْ كَتَبْتُ فِيهِ بَعْضَ أَحَادِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، فَجِئْتُهُ فَقَرَأْتُ عليه قراءة رديئة وخط رديء، فَتَتَعْتَعْتُ فِيهِ، قَالَ: فَضَجِرَ وَأَخَذَ الدَّفْتَرَ فَطَرَحَهُ، فَقَالَ: صبيَان لَا يُحْسِنُونُ شَيْئًا، قُومُوا عنَّا فَقُمْنَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَانْقَلَبْنَا مِنَ الكُتَّاب قالت [242/أ] أُمِّي: اذْهَبُوا إِلَى ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. فَأَمَّا أَخِي شَمْلَة فَحَلَفَ ألاَّ يَذْهَبَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا أَنَا فَذَهَبْتُ إِلَيْهِ، فَحِينَ رَآنِي قَالَ: "تَعَالَ تَعَالَ اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ فَخُذْ مِنْهُ كِتَابَهُ وَتَعَالَ. قَالَ فصبَّرني حَتَّى فَرَغْتُ مِنْهُ كُلِّهِ، قَالَ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ اللَّهَ. قَالَ: ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ أَخِي بَعْدُ، وَكُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَيْهِ كِلَانَا ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى سَمِعْتُهَا مِنْهُ سَمَاعًا مِمَّا يردَّدُها، وَحَتَّى صَارَ إِذَا شكَّ فِي حَدِيثٍ الْتَفَتَ إليَّ فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِي كَذَا وَكَذَا، كَيْفَ حَدَّثْتُكَ؟ " فَأَقُولُ: "حَدَّثْتَنَا بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَيَرْجِعُ إِلَى قَوْلِي".

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: "سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْحَارِثِ، مَا قَرَأْتُ عَلَيْكَ مِنَ الْحَدِيثِ أَقُولُ حَدَّثَنِي؟ " قَالَ: "نَعَمْ2، وَمَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ تَباعة فَهُوَ فِي عُنُقِي".

قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: "وَكَانَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ يَرُوحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى الصَّلَاةِ بَاكِرًا، فَيُصَلِّي حَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ3، وَمَا رَأَيْتُهُ نَظَرَ إِلَى شَمْسٍ قَطُّ - يَعْنِي فِي قَوْلِ مَنْ رَأَى الكراهة للصلاة نصف النهار-".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015