وَهُوَ يَسْتَمِعُ لِقَوْلِهِ، فلمَّا قَضَى حَدِيثَهُ -وَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ إِفْطَارِهِ- قُلْتُ لَهُ: قُمْ تغدَّ قَالَ: دَعْهُ الْيَوْمَ، قَالَ: فَسَرَدَ1 مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى أَنْ مَاتَ. وَكَانَ شَدِيدَ2 الْحَالِ، يتعشَّ بِالْخُبْزِ وَالزَّيْتِ، وَكَانَ لَهُ طَيْلَسان3 وَقَمِيصٌ، فَكَانَ يَشْتُو فِيهِ ويُصَيَّف، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ النَّاسِ صَرَامَةً وَقُولًا بِالْحَقِّ4 وَكَانَ يتَشَبَّب5 فِي حَدَاثَتِهِ حَتَّى كَبِرَ وَطَلَبَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: لَوْ طَلَبْتُهُ وَأَنَا صَغِيرٌ كُنْتُ أَدْرَكْتُ مشايخَ فَرَّطْتُ فِيهِمْ، وَكُنْتُ أَتَهَاوَنُ بِهَذَا الْأَمْرِ حَتَّى كَبِرْتُ وَعَقَلْتُ. وَكَانَ يَحْفَظُ حَدِيثَهُ كلَّه، لَمْ يَكُنْ لَهُ كِتَابٌ6، وَلَا شَيْءَ يُنْظَرُ فِيهِ، وَلَا لَهُ حَدِيثٌ مُثبت فِي شَيْءٍ) 7.
قَالَ: "وَسَأَلْتُ سَلاَّمة أم ولده، أله كَتَبَ؟ قَالَتْ: لَا، مَا لَهُ كِتَابٌ وَاحِدٌ".