بغداد بانتقال ابن إسحاق وأبي معشر والواقدي، ثم انضم إليها ابن سعد نفسه بدراسته على الواقدي، قد علمت في ظل الخلافة العباسية وكان بعضهم يجد الحظوة التامة لدى العباسيين كابن إسحاق والواقدي.
وبعد أن انتهى ابن سعد في أكثر الجزأين الأولين من سيرة الرسول، أضاف فصلاً عن الذين كانوا يفتون بالمدينة على عهد الرسول، ثم أخذ يترجم الأخير الذي خصصه للنساء. وقد راعى في التراجم عنصرين: عنصر الزمان وعنصر المكان - أما عنصر الزمان فقد تدخل في بناء الطبقات من أولها إلى آخرها، وكانت السابقة إلى الإسلام هي المحور الأكبر فيه، سواء اتصلت بالهجرة إلى الحبشة ثم بموقعة بدر أو وقتت بما قبل فتح مكة، أو غير ذلك من النقط الزمنية التي وجهت التقسيم في ذلك الكتاب. ومن ثم بدأ بالمهاجرين البدريين ثم بالأنصار البدريين ثم بمن أسلم قديماً ولم يشهد بدراً وإنما هاجر إلى الحبشة أو شهد أُحداً (فالبدريون مفضلون على من عداهم) ثم من أسلم قبل فتح مكة وهكذا. ونلاحظ في هذه القسمة أن ابن سعد احتذى فيها شيئاً شبيهاً بما صنعه عمر بن الخطاب عندما دون الدواوين. وبعد هذا تدخل العنصر المكاني فأخذ يترجم للصحابة ومن بعدهم على حسب الأمصار التي نزلوا فسمى من كان بالمدينة ومكة والطائف واليمن واليمامة، ثم من نزل الكوفة، ثم من نزل البصرة، ومن كان موطنه الشام ومصر وغيرهم. وفي أثناء هذا التقسيم التفت إلى التقسيمات المكانية، وبخاصة عند الحديث عن التابعين لأنه ترجم لهم في الطبقات، والطبقة في العادة تساوي جيلاً أو عشرين سنة أو عشر سنين، وهي تساوي في كتاب ابن سعد عشرين سنة تقريباً، فمثلاً تراوح نهاية الطبقة الثالثة بين سنتي 108 - 113 وتراوح نهاية