فَخُذْ ذَلِكَ الْكِيسَ , فَطَهِّرْهُ , وَاسْتَنْفِقْهُ , فَإِذَا هِيَ دَرَاهِمُ مُكَحَّلَةٌ , فَأَخَذْتُ الْكِيسَ , وَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي , فَدَعَوْتُ رَجُلًا كَانَ يَتَوَلَّى شِرَاءَ حَوَائِجِي , فَقُلْتُ: اكْتُبْ مِنَ الدَّقِيقِ عَشَرَةَ أَقْفِزَةً , وَمِنَ الْأُرْزِ قَفِيزًا , وَمِنَ السُّكَّرِ كَذَا حَتَّى قَصَّ جَمِيعَ حَوَائِجِهِ , فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ دَقَّ الْبَابِ , فَقُلْتُ: انْظُرُوا مَنْ هَذَا , فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , فَقُلْتُ: ائْذَنِي لَهُ , فَقُمْتُ لَهُ عَنْ مَجْلِسِي , وَرَحَّبْتُ بِهِ , وَقَرَّبْتُ , وَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ , مَا جَاءَ بِكَ؟ فَقَالَ لِي: يَا عَمِّ , أَخْرَجَنِي وُرُودُ هَذَا الشَّهْرِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا شَيْءٌ , فَفَكَّرْتُ سَاعَةً , ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: ارْفَعْ ثِنْيَ الْوِسَادَةِ , فَخُذِ الْكَيْسَ بِمَا فِيهِ , فَأَخَذَ الْكَيْسَ , ثُمَّ قُلْتُ لِصَاحِبِي: اخْرُجْ , فَخَرَجَ , فَدَخَلَتْ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ: فَقَالَتْ: مَا صَنَعْتَ فِي حَاجَةِ الْفَتَى؟ فَقُلْتُ لَهَا: دَفَعَتُ إِلَيْهِ الْكَيْسَ بِأَسْرِهِ , فَقَالَتْ لِي: وُفِّقْتَ , وَأَحْسَنْتَ , ثُمَّ فَكَّرْتُ فِي صِدِّيقٍ لِي بِقُرْبِ الْمَنْزِلِ , فَانْتَعَلْتُ , وَخَرَجْتُ إِلَيْهِ , فَدَقَقْتُ الْبَابَ , فَأَذِنَ لِي , فَدَخَلْتُ , فَسَلَّمَ عَلَيَّ , وَرَحَّبَ , وَقَرَّبَ , ثُمَّ قَالَ لِي: مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , فَخَبَّرْتُهُ بِوُرُودِ الشَّهْرِ وَضِيقِ الْحَالِ , فَفَكَّرَ سَاعَةً , ثُمَّ قَالَ لِي: ارْفَعْ ثِنْيَ الْوِسَادَةِ فَخُذِ الْكَيْسَ فَخُذْ نِصْفَهُ وَأَعْطِنَا نِصْفَهُ , فَإِذَا كِيسِي بِعَيْنِهِ , فَأَخَذْتُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَدَفَعْتُ إِلَيْهِ خَمْسَمِائَةٍ , وَصِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي , فَدَعَوْتُ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ يَلِي شِرَاءَ حَوَائِجِي فَقُلْتُ لَهُ: اكْتُبْ خَمْسَةَ أَقْفِزَةِ دَقِيقٍ , فَكَتَبَ لِي جَمِيعَ مَا أَرَدْتُ مِنْ حَوَائِجِي , فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذَا أَنَا بِدَاقٍّ يَدُقُّ الْبَابَ , فَقُلْتُ لِلْخَادِمِ: انْظُرِي مَنْ هَذَا , فَخَرَجَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيَّ فَقَالَتْ: خَادِمٌ نَبِيلٌ , فَقُلْتُ لَهَا: ائْذَنِي لَهُ , فَنَزَلَ , فَإِذَا كِتَابٌ مِنْ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ يَسْأَلُنِي الْمَصِيرَ إِلَيْهِ فِي وَقْتِهِ ذَلِكَ , فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ: اخْرُجْ , وَلَبِسْتُ ثِيَابِي , وَرَكِبْتُ دَابَّتِي , ثُمَّ مَضَيْتُ مَعَ الْخَادِمِ , فَأَتَيْتُ مَنْزِلَ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ , فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فِي صَحْنِ دَارِهِ , فَلَمَّا رَآنِي وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ رَحَّبَ وَقَرَّبَ , وَقَالَ: يَا غُلَامُ , مِرْفَقَةً , فَقَعَدْتُ إِلَى جَانِبِهِ , فَقَالَ لِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015