فَمَرَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ وَهُوَ مَادٌّ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ , فَقَالَ مَرْوَانُ: أَمَا وَاللَّهِ , لَئِنْ نَصَبْتَهَا مَيِّتًا لَطَالَ مَا نَصَبْتَهَا حَيًّا , وَلَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ مَقَامٌ , فَانْكَشَفُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ رَجُلَانِ شُرَّعًا فِيهِ جَمِيعًا وَحَزَّا رَأْسَهُ , وَانْطَلَقَ بِهِ أَحَدُهُمَا إِلَى مُسْرِفٍ وَهُوَ يَقُولُ: رَأْسُ أَمِيرِ الْقَوْمِ , فَأَوْمَأَ مُسْرِفٌ بِالسُّجُودِ , وَهُوَ عَلَى دَابَّتِهِ , وَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ. قَالَ: مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مَالِكٌ. قَالَ: فَأَنْتَ وَلَّيْتَ قَتْلَهُ وَحَزَّ رَأْسِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَجَاءَ الْآخَرُ رَجُلٌ مِنَ السُّكُونِ , مِنْ أَهْلِ حِمْصَ , يُقَالُ لَهُ سَعْدُ بْنُ الْجَوْنِ , فَقَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ , نَحْنُ شَرَعْنَا فِيهِ رُمْحَيْنَا , فَأَنْفَذْنَاهُ بِهِمَا , ثُمَّ ضَرَبْنَاهُ بِسَيْفِينَا حَتَّى تَثَلَّمَا مِمَّا يَلْتَقِيَانِ. قَالَ الْفَزَارِيُّ: بَاطِلٌ. قَالَ السَّكُونِيُّ: فَأَحْلَفَهُ بِالطَّلَاقِ وَالْحُرِّيَةِ , فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَحَلَفَ السَّكُونِيُّ عَلَى مَا قَالَ , فَقَالَ مُسْرِفٌ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَحْكُمُ فِي أَمْرِكُمَا , فَأَبْرَدَهُمَا , فَقَدِمَا عَلَى يَزِيدَ بِقَتْلِ أَهْلِ الْحَرَّةِ , وَبِقَتْلِ ابْنِ حَنْظَلَةَ , فَأَجَازَهُمَا بِجَوَائِزَ عَظِيمَةٍ , وَجَعَلَهُمَا فِي شَرَفٍ مِنَ الدِّيوَانِ , ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْحُصَيْنِ بْنِ نُمَيْرٍ , فَقُتِلَا فِي حِصَارِ ابْنِ الزُّبَيْرِ " قَالَ: وَكَانَتِ الْحَرَّةُ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ