عَامِرٍ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ , فَعَقَدَ لَهُ جَيْشًا إِلَى عُثْمَانَ , فَسَارُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِأَدْانِي بِلَادِ الْحِجَازِ خَرَجَتْ خَارِجَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , فَلَقُوا رَجُلًا , فَقَالُوا: مَا الْخَبَرُ؟ قَالَ: قُتِلَ عَدُوُّ اللَّهِ نَعْثَلُ , وَهَذِهِ خُصْلَةٌ مِنْ شَعْرِهِ , فَحَمَلَ عَلَيْهِ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ مَعَ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ , فَقَتَلَهُ , فَكَانَ أَوَّلَ مَقْتُولٍ قُتِلَ فِي دَمِ عُثْمَانَ , ثُمَّ رَجَعَ مُجَاشِعٌ إِلَى الْبَصْرَةِ , فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ عَامِرٍ حَمَلَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ , وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَامِرٍ الْحَضْرَمِيَّ , ثُمَّ شَخَصَ إِلَى مَكَّةَ , فَوَافَى بِهَا طَلْحَةَ , وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ وَهُمْ يُرِيدُونَ الشَّامَ , فَقَالَ: لَا بَلِ ائْتُوا الْبَصْرَةَ؛ فَإِنَّ لِي بِهَا صَنَائِعَ وَهِيَ أَرْضُ الْأَمْوَالِ , وَبِهَا عَدَدُ الرِّجَالِ , وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُ مَا خَرَجْتُ مِنْهَا حَتَّى أَضْرِبَ بَعْضَ النَّاسِ بِبَعْضٍ , فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ: هَلَّا فَعَلْتَ , أَشْفَقْتَ عَلَى مَنَاكِبِ تَمِيمٍ , ثُمَّ أَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى الْمَسِيرِ إِلَى الْبَصْرَةِ , ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِمْ , فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْجَمَلِ مَا كَانَ , وَهُزِمَ النَّاسُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ إِلَى الزُّبَيْرِ , فَأَخَذَ بِيَدِهِ , فَقَالَ: أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , أَنْشُدُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ , فَلَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: خَلِّ بَيْنَ الْغَارَيْنِ يَضْطَرِبَانِ؛ فَإِنَّ مَعَ الْخَوْفِ الشَّدِيدِ الْمَطَامِعَ , فَلَحِقَ ابْنُ عَامِرٍ بِالشَّامِ حَتَّى نَزَلَ دِمَشْقَ , وَقَدْ قُتِلَ ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَوْمَ الْجَمَلِ , وَبِهِ كَانَ يُكْنَى , فَقَالَ حَارِثَةُ بْنُ بَدْرٍ أَبُو الْعَنْبَسِ الْغُدَانِيُّ فِي خُرُوجِ ابْنِ عَامِرٍ إِلَى دِمَشْقَ:
[البحر الطويل]
أَتَانِي مِنَ الْأَنْبَاءِ أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ ... أَنَاخَ وَأَلْقَى فِي دِمَشْقَ الْمَرَاسِيَا
يُطِيفُ بِحَمَّامَيْ دِمَشْقَ وَقَصْرِهِ ... بِعَيْشِكَ إِنْ لَمْ يَأْتِكِ الْقَوْمُ رَاضِيَا
رَأَى يَوْمَ إِنْقَاءِ الْفَرَاضِ وَقِيعَةً ... وَكَانَ إِلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ دَاعِيَا
كَأَنَّ الشَّرِيجِيَّاتَ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ ... بَوَارِقُ غَيْثٍ رَاحَ أَوْ طَفَّ دَانِيَا
فَنَدَّ نَدِيدًا لَمْ يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ ... وَكَانَ عِرَاقِيًّا فَأَصْبَحَ شَامِيَا
وَلَمَّا خَرَجَ ابْنُ عَامِرٍ عَنِ الْبَصْرَةِ بَعَثَ عَلِيٌّ إِلَيْهَا عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ الْأَنْصَارِيَّ ,