الثالثة: ما ذكر ابن طيفور (?) من أن المأمون كتب إلى إسحاق بن إبراهيم في إشخاص سبعة من الفقهاء - بينهم محمد بن سعد كاتب الواقدي - فأشخصوا إليه، فسألهم وامتحنهم عن خلق القرآن فأجابوا جميعاً: إن القرآن مخلوق. فهذه الرواية إن صحت تدل أولاً على ما كان يتمتع به ابن سعد من شهرة وتقدم في بغداد، ولكنها قد تشير ثانياً إلى شيء من عدم الرضي عنه بين فئة من أهل الحديث. ومن ذلك فقد نرى بينه وبين أحمد بن حنبل الذي وقف أصلب موقف في فتنة خلق القرآن علاقة قوية إذ كان أحمد يوجه في كل جمعة برجل إلى ابن سعد يأخذ منه جزائين من حديث الواقدي فينظر فيهما إلى الجمعة الأخرى ثم يردهما ويأخذ غيرهما.
أما تلامذته فهم كثيرون أيضاً، ومنهم أحمد بن عبيد وابن أبي الدنيا والبلاذري والحارث بن أبي أسامة والحسين بن فهم وغيرهم.
وتكاد المصادر تجمع على أن ابن سعد توفي يوم الأحد لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة 230هـ؟، بمدينة بغداد ودفن في مقبرة باب الشام وهو يومئذ ابن اثنتين وستين سنة. وهذا الخبر منقول عن الحسين بن فهم أحد تلامذته الأدنين، وأحد اثنين رويا كتاب الطبقات. ولكن ابن أبي حاتم يذكر أنه توفي سنة ست وثلاثين (يعني ومائتين) وقال الصفدي في الوافي أنه توفي سنة 222 على خلاف في ذلك. ويبدو أن رواية ابن فهم هي الصحيحة، فأما رواية الصفدي في الوافي فواضحة الخطأ لأن ابن سعد يؤرخ لأناس توفوا سنة 228 و 229هـ؟ (?) وليس هناك ما يدل على أن ذلك مما زاده الرواة الذين نقلوا الكتاب. أما رواية ابن أبي حاتم فقد كتبت بالأرقام لا بالحروف وهي في شكلها الذي كتبت به لا تسلم من الخطأ.