اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ عَمْرِو بْنِ هِشَامٍ. فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ الْغَدِ بُكْرَةً فَأَسْلَمَ فِي دَارِ الأَرْقَمِ. وَخَرَجُوا مِنْهَا فَكَبِّرُوا وَطَافُوا الْبَيْتَ ظَاهِرِينَ. وَدُعِيَتْ دَارُ الأَرْقَمِ دَارُ الإِسْلامِ. وَتَصَدَّقَ بِهَا الأَرْقَمُ عَلَى وَلَدِهِ فَقَرَأْتُ نُسْخَةَ صَدَقَةِ الأَرْقَمِ بِدَارِهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا مَا قَضَى الأَرْقَمُ فِي رُبُعِهِ مَا حَازَ الصَّفَا إِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِمَكَانِهَا مِنَ الْحَرَمِ لا تُبَاعُ وَلا تُوَرَّثُ. شَهِدَ هِشَامُ بْنُ الْعَاصِ وَفُلانٌ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ.
قَالَ: فَلَمْ تَزَلْ هَذِهِ الدَّارُ صَدَقَةً قَائِمَةً فِيهَا وَلَدُهُ يَسْكُنُونَ وَيُؤَاجِرُونَ وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهَا حَتَّى كَانَ زَمَنُ أَبِي جَعْفَرٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ: فَأَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ قَالَ: إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَعَتْ فِي نَفْسِ أَبِي جَعْفَرٍ. إِنَّهُ لَيْسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجَّةٍ حَجَّهَا وَنَحْنُ عَلَى ظَهْرِ الدَّارِ فِي فُسْطَاطٍ فَيَمُرُّ تَحْتَنَا لَوْ أَشَاءُ أَنْ آخُذَ قَلَنْسُوَةً عَلَيْهِ لأَخَذْتُهَا وَإِنَّهُ لَيَنْظُرُ إِلَيْنَا مِنْ حِينَ يَهْبِطُ بَطْنَ الْوَادِي حَتَّى يَصْعَدَ إِلَى الصَّفَا. فَلَمَّا خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ بِالْمَدِينَةِ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الأَرْقَمِ مِمَّنْ تَابَعَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَهُ. فَتَعَلَّقَ عَلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ بِالْمَدِينَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ وَيَطْرَحَهُ فِي حَدِيدٍ. ثُمَّ بَعَثَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ شِهَابُ بْنُ عَبْدِ رَبٍّ وَكَتَبَ مَعَهُ إِلَى عامل المدينة أَنْ يَفْعَلَ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ. فَدَخَلَ شِهَابٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الْحَبْسَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ابْنُ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً وَقَدْ ضَجِرَ بِالْحَدِيدِ وَالْحَبْسِ فَقَالَ لَهُ:
هَلْ لَكَ أَنْ أُخَلِّصَكَ مِمَّا أَنْتَ فِيهِ وَتَبِيعَنِي دَارَ الأَرْقَمِ؟ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُهَا وَعَسَى إِنْ بِعْتَهُ إِيَّاهَا أَنْ أُكَلِّمَهُ فِيكَ فَيَعْفُوَ عَنْكَ. قَالَ: إِنَّهَا صَدَقَةٌ وَلَكِنَّ حَقِّي مِنْهَا لَهُ وَمَعِي فِيهَا شُرَكَاءٌ إِخْوَتِي وَغَيْرُهُمْ. فَقَالَ: إِنَّمَا عَلَيْكَ نَفْسَكَ. أَعْطِنَا حَقَّكَ وَبَرِئْتَ. فَأَشْهَدَ لَهُ بِحَقِّهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كِتَابَ شِرًى عَلَى حِسَابِ سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ ثُمَّ تَتَبَّعَ إِخْوَتَهُ فَفَتَنَتْهُمْ كَثْرَةُ الْمَالِ فَبَاعُوهُ فَصَارَتْ لأَبِي جَعْفَرٍ وَلِمَنْ أَقْطَعَهَا. ثُمَّ صَيَّرَهَا الْمَهْدِيُّ لِلْخَيْزُرَانَ أُمِّ مُوسَى وَهَارُونَ فَبَنَتْهَا وَعُرِفَتْ بِهَا. ثُمَّ صَارَتْ لِجَعْفَرِ بْنِ مُوسَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ سَكَنَهَا أَصْحَابُ الشَّطَوِيِّ وَالْعَدَنِيِّ. ثُمَّ اشْتَرَى عَامَّتَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا غَسَّانُ بْنُ عَبَّادٍ مِنْ وَلَدِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ.
قَالَ: وَأَمَّا دَارُ الأَرْقَمِ بِالْمَدِينَةِ فِي بَنِي زُرَيْقٍ فَقَطِيعَةٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ