أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الآيَةِ:

«وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ» الأحزاب: 50. قَالَ: هِيَ أُمُّ شَرِيكٍ الدَّوْسِيَّةُ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ. حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنِ ابْنِ أبي عَوْنٍ مِثْلَهُ.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُنِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدَّوْسِيِّ قَالَ: أَسْلَمَ زَوْجُ أُمِّ شَرِيكٍ. وَهِيَ غَزِيَّةُ بِنْتُ جَابِرٍ الدَّوْسِيَّةُ مِنَ الأَزْدِ. وَهُوَ أَبُو الْعَكَرِ.

فَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعَ دَوْسٍ حِينَ هَاجَرُوا. قَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: فَجَاءَنِي أَهْلُ أَبِي الْعَكَرِ فَقَالُوا: لَعَلَّكِ عَلَى دِينِهِ؟ قُلْتُ: أَيْ وَاللَّهِ إِنِّي لَعَلَى دِينِهِ. قَالُوا: لا جَرَمَ وَاللَّهِ لَنُعَذِّبَنَّكِ عَذَابًا شَدِيدًا. فَارْتَحِلُوا بِنَا مِنْ دَارِنَا وَنَحْنُ كُنَّا بِذِي الْخَلَصَةِ وَهُوَ مَوْضِعُنَا. فَسَارُوا يُرِيدُونَ مَنْزِلا وَحَمَلُونِي عَلَى جَمَلٍ ثِفَالٍ شَرِّ رِكَابِهِمْ وَأَغْلَظِهِ.

يُطْعِمُونِي الْخُبْزَ بِالْعَسَلِ وَلا يَسْقُونِي قَطْرَةً مِنْ مَاءٍ. حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَسَخِنَتِ الشَّمْسُ وَنَحْنُ قَائِظُونَ فَنَزَلُوا فَضَرَبُوا أَخْبِيَتَهُمْ وَتَرَكُونِي فِي الشَّمْسِ حَتَّى ذَهَبَ عَقْلِي وَسَمْعِي وَبَصَرِي. فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِي ثَلاثَةَ أَيَّامٍ. فَقَالُوا لِي فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ: اتْرُكِي مَا أَنْتِ عَلَيْهِ. قَالَتْ فَمَا دَرَيْتُ مَا يَقُولُونَ إِلا الْكَلِمَةَ بَعْدَ الْكَلِمَةِ. فَأُشِيرُ بِإِصْبَعِي إِلَى السماء بالتوحيد. قالت فو الله إِنِّي لَعَلَى ذَلِكَ وَقَدْ بَلَغَنِي الْجَهْدُ إِذْ وَجَدْتُ بَرْدَ دَلْو عَلَى صَدْرِي فَأَخَذْتُهُ فَشَرِبْتُ مِنْهُ نَفَسًا وَاحِدًا ثُمَّ انْتُزِعَ مِنِّي. فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ مُعَلَّقٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ. ثُمَّ دُلِّيَ إِلَيَّ ثَانِيَةً فَشَرِبْتُ مِنْهُ نَفَسًا ثُمَّ رُفِعَ. فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. ثُمَّ دُلِّيَ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رُوِّيتُ وَأَهْرَقْتُ عَلَى رَأْسِي وَوَجْهِي وَثِيَابِي. قَالَتْ: فَخَرَجُوا فَنَظَرُوا فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا يَا عَدُوَّةَ اللَّهِ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُمْ إِنَّ عَدُوَّةَ اللَّهِ غَيْرِي مَنْ خَالَفَ دِينَهُ. وَأَمَّا قَوْلُكُمْ مِنْ أَيْنَ هَذَا.

فَمِنْ عِنْدِ اللَّهِ رِزْقًا رَزَقَنِيهِ الله. قالت: فانطلقوا سراعا إلى قربهم وأداواهم فَوَجَدُوهَا مُوكَأَةً لَمْ تُحَلَّ. فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّ رَبَّكِ هُوَ رَبُّنَا وَأَنَّ الَّذِي رَزَقَكِ مَا رَزَقَكِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بَعْدَ أَنْ فَعَلْنَا بِكِ مَا فَعَلْنَا هُوَ الَّذِي شَرَعَ الإِسْلامَ. فَأَسْلَمُوا وَهَاجَرُوا جَمِيعًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ. وَكَانُوا يَعْرِفُونَ فَضْلِي عَلَيْهِمْ وَمَا صَنَعَ اللَّهُ إِلَيَّ. وَهِيَ الَّتِي وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ مِنَ الأَزْدِ. فَعَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَتْ جَمِيلَةً وَقَدْ أَسَنَّتْ فَقَالَتْ: إِنِّي أَهَبُ نَفْسِي لَكِ وَأَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْكَ. فَقَبِلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مَا فِي امْرَأَةٍ حِينَ تَهَبُ نَفْسَهَا لِرَجُلٍ خَيْرٌ. قَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ: فَأَنَا تِلْكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015