وأسْألُ إحْسَاناً مِن القوم دَعْوةً ... تُحَقِّقُ لِي الآمالَ والأمْنَ في الحَشْرِ
ثم قال: وكان فاضلاً، بارعاً، ناظماً، ناثراً، بليغاً، كَيِّساً، حَسن المُجالسة، مُحباً للفائدة، لطيف المحاضرة، كثير النوادر والمُلح، ذا كرم زائد، وآداب وغرائب.
ومات في ثاني رجب، من التاريخ المذكور، ودفن في يومه بالبقيع، بعد الصلاة عليه بالروضة. رحمه الله تعالى.
وأورد من شعره المقريزي في " عقوده " قوله:
كُنْ جَوَابي إذا قَرأتَ كِتابي ... لا تَرُدَّنَّ لجوابِ كتابَا
أعفِني مِن نَعَمْ وَسَوْفَ ولي شُغْ ... لٌ وكُنْ خيْرَ مَن دُعِي فأجَابَا
13 - إبراهيم بن أحمد بن يوسف ابن محمد، برهان الدين، بن القاضي شهاب الدين أبي العباس، بن قاضي الجماعة الجمالي أبي المحاسن الدمشقي، ويعرف بابن القطب
سمع الحديث وناب في قضاء النفية، ثم خطب للقضاء استقلالاً ببذل شيء فأبى ذلك، فحبس، وضيق عليه إلى أن أجاب، وولي قضاء مصر استقلالاً.
وكان قبل ذلك قد طلب إلى القاهرة، وأخذ عنه بعض الطلبة.
ومات سنة ثمان وتسعين وثمانمائة، رحمه الله تعالى.
كذا ذكره السخاوي.
وذكره في " الغُرف العلية "، فقال: ولد سنة سبع وعشرين وثمانمائة، واشتغل، وحصل، وبرع، وأخذ عن العلامة حميد الدين الحنفي.
ودرس، وأفتى، وناب في الحكم.
ولما عُين لقضاء الحنفية استقلالاً امتنع من قبوله، مع أهليته الزائدة، فحبس إلى أن قبله، وسار في الناس سيرة حسنة، وصار يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، على حسب ما يقتضيه زمانه.
وذكر أنه قرأ عليه، وأنه مات في التاريخ المذكور. انتهى.
14 - إبراهيم بن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إبراهيم ابن هبة الله بن طارق بن سالم الأسدي، الحلبي، نجم الدين، أبو إسحاق، ابن النحاس
ذكره صاحب " دُرة الأسلاك " فقال: رئيس أشرق نجمه، وأصاب الغرض سهمه، وظهر فضله وعلمه، وعلت همته وسما عزمه.
كان ذا نفس سخية، وأخلاق رضية، وتواضع وتلطف، وميل إلى فِعل الخير وتشوف.
كتب الحكم لبني العديم، ولازم التحلي بعقد بيتهم النظيم، واحسن إلى ذوي الطلب، ودرس بالجردبكية بحلب.
وكانت وفاته بها، وقد جاوز الستين، وذلك في سنة أربعين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
ذكره في " الغرف العلية "، ونقل عن البرزالي أنه ولد سنة خمس وأربعين وستمائة، وانه قرأ القرآن، وسمع الحديث، وقرأ على الشيوخ كثيراً من الكتب والأجزاء، وكان مشهوراً بحسن القراءة.
وبعد ملازمته للطلب، والاشتغال بالعلم، خدم في الديوان، وحصل له دنيا وافرة.
ثم أنه رأى رؤيا أوجبت له التوبة، والإقلاع عما كان عليه، وحج، ولازم المسجد والتلاوة، وبقي على ذلك عشرين سنة، وعرض له صمم في آخر عمره.
ومات سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، رحمه الله تعالى.
16 - إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن عباد بن محمد، برهان الدين، أبو إسحاق بن أبي الفداء، العنبوسي - نسبة لقرية من نابلس - المقدسي الحنفي، الكتبي
ولد في رجب سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ببيت المقدس.
ونشأ به، فقرأ القرآن، واشتغل في الفقه والتفسير على القاضي سعد الدين ابن الديري، ووالده.
وقرأ في الحديث على الشمس ابن المصري وابن ناصر الدين عبد الكريم القلقشندي، وغيرهما.
وباشر قراءة الحديث بالمسجد الأقصى، وكتب بخطه الكثير، وتميز في معرفة الشروط.
ونظم الشعر المتوسط، والغالب عليه فيه المجون، مع الخير، والسمت الحسن، والتواضع، والتفنع بتجليد الكتب.
ومن نظمه قوله:
في وَجْهِ حِبِّى آياتٌ مُبيَّنَةٌ ... فاعْجَبْ لآياتِ حُسْنٍ قد حَوَتْ سُوَرَا
فَنُونُ حَاجِبِه مَعْ صَاد مُقلتِه ... ونُونِ عارِضه قدْ حَيَّر الشُعَرَا
وقوله:
أنا المُقِلُّ وحِبي ... أذاب قلبي وُلوعُهْ
أبْكي عليه بجُهْدي ... جُهْدُ المُقِلَّ دُموعُهْ
ومن نظمه في مسائل الشهادة بالاستفاضة، قوله:
افْهَمْ مَسَائِلَ سِتَّةً واشْهدْ بها ... من غيرِ رُؤياها وغير وُقوفِ
نَسَبٌ ومَوتٌ والوِلادُ وناكِحٌ ... ووِلايةُ القاضي وأصلُ وُقوفِ
وله غير ذلك كثير.