والقصر والإفطار في السفر رخصة بنص الكتاب؛ لقوله تعالى: (وإذا ضَرَبْتُمْ في الأرض فَلَيسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) ، وفي الإفطار قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أخَرَ) .

*والعاشر، نقر بأن الله تعالى أمر القلم أن يكتب، فقال القلم ماذا أكتب يا رب؟ فقال الله تعالى: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة؛ لقوله تعالى: (وكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ) .

*والحادية عشر، نقر بأن عذاب القبر كائن لا محالة، وسؤال منكر ونكير حق؛ لورود الأحاديث، والجنة والنار حق، وهما مخلوقتان لأهلهما؛ لقوله تعالى في حق المؤمنين: (أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) . وفي حق الكافرين: (أُعِدَّتْ لِلْكَافِرينَ) ، خَلقهما الله تعالى للثواب والعقاب، والميزان حق؛ لقوله تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ ليَوْمِ الْقِيامَةِ) . وقراءة الكتب، لقوله تعالى: (اقْرَأ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَليْكَ حَسيباً) .

*والثانية عشر، نقر بأن الله تعالى يُحيي هذه النفوس بعد الموت، ويبعثُهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، للجزاء والثواب، وأداء الحُقوق؛ لقوله تعالى: (وَأنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُور) ، ولقاء الله تعالى لأهل الحق حق، بلا كيفية، ولا تشبيه، ولا وجه، وشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للكل من هو من أهل الجنة، وإن كان صاحب الكبيرة، وعائشة رضي الله تعالى عنها بعد خديجة الكبرى أفضل نِساء العالمين، وأم المؤمنين، ومطهرة من الزنا، بريئة عن ما قال الروافض، فمن شهد عليها بالزنا فهو ولد الزنل، وأهل الجنة في الجنة خالدون، وأهل النار في النار خالدون، لقوله تعالى في حق المؤمنين: (أُولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وفي حق الكفار: (أولئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيها خَالِدُونَ) .

وللإمام رضي الله تعالى عنه، وصية أخرى، أوصى بها الإمام أبا يوسف، رحمه الله تعالى، لا بأس بإيرادها هنا؛ فإنها قد تضمنت كثيراً من لطائف الحكماء، ومحاسن الكلم، وفيها لمن تدبرها نفع كبير، وأدب غزير.

وقد نقلها الشيخ الفاضل زين بن نجيم، في آخر كتابه " الأشباه والنظائر "، ومنها نقلنا.

وقال رضي الله تعالى عنه: يا يعقوب، وقر السلطان، وعظم منزلته، وإياك والكذب بين يديه، والدخول عليه في كل وقت ما لم يدعك لحاجة؛ فإنك إذا أكثرت الاختلاف عليه تهاون بك، وصغرت منزلتك عنده، فكن منه كما أنت من النار، تنتفع منها، وتتباعد عنها؛ فإن السلطان لا يرى لأحد ما يرى لنفسه. وإياك وكثرة الكلام بين يديه، فإنه يأخذ عليك ما قلته، ليرى من نفسه بين يدي حاشيته أنه أعلم منك وأنه يخطئك، فتصغر في أعين قومه. ولتكن إذا دخلت عليه تعرف قدرك وقدر غيرك، ولا تدخل عليه وعنده من أهل العلم من لا تعرفه؛ فإنك إن كنت أدون حالاً منه لعلك ترتفع عليه فيضرك، وإن كنت أعلم منه لعلك تنحط عنه فتسقط بذلك من عين السلطان. وإذا عرض عليك شيئاً من أعماله، فلا تقبل منه إلا بعد أن تعلم أنه يرضاك، ويرضى مذهبك في العلم والقضايا؛ كيلا تحتاج إلى ارتكاب مذهب غيرك في الحكومات. ولا تواصل أولياء السلطان وحاشيته، بل تقرب إليه فقط، وتباعد عن حاشيته؛ ليكون مجدك وجاهك باقياً.

ولا تتكلم بين يدي العامة إلا بما تُسأل عنه.

وإياك والكلام في العامة والتجار إلا بما يرجع إلى العلم؛ كيلا يوقف على حبك ورغبتك في المال؛ فإنهم يسيسون الظن بك، ويعتقدون ميلك إلى أخذ الرشوة منهم.

ولا تضحك، ولا تبتسم بين يدي العامة.

ولا تكثر الخروج إلى الأسواق.

ولا تكلم المراهقين فإنهم فتنة، ولا بأس أن تكلم الأطفال، وتمسح رءوسهم.

ولا تمش في قارعة الطريق مع المشايخ والعامة، فإنك إن قدمتهم ازدري بعلمك، وإن أخرتهم ازدري بك من حيث إنهم أسن منك، قال النبي صلى الله عليك وسلم: " من لم يرحم صغيرنا، ولم يوقر كبيرنا، فليس منا ".

ولا تقعد على قوارع الطريق، فإذا دعاك ذلك فاقعد في المسجد.

ولا تأكل في الأسواق والمساجد.

ولا تشرب من السقايات، ولا من أيدي السقائين.

ولا تقعد على الحوانيت.

ولا تلبس الديباج، والحلي، وأنواع الإبريسم؛ فإن ذلك يقضي إلى الرعونة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015