كان عالماً فاضلاً، فقيهاً، سمع الحديث بدمشق على أصحاب السلفي، وقدم مصر، ودرس الأصلين، وله فيهما يد طولى، وله علم بالعربية والمنطق، والطب، ودرس بالفخرية للطائفة الحنفية، ودرس بدمشق، بمدرسة عز الدين أيبك.
ومولده بماردين، سنة ثلاث، وقيل: أربع، وتسعين وخمسمائة.
وكان منعوتاً بشرف الدين.
وله واقعة مشهورة مع الملك المعظم حين بعث إليه أن يفتي بإباحة الأنبذة، وما يعمل من ماء الرمان، ونحوه، فقال شرف الدين: ما أفتح هذا الباب، وإباحتها إنما هي رواية النوادر، وقد صح عن أبي حنيفة أنه ما شربه قط، والحديث عن عمر في إباحة شربه لا يثبت.
فغضب المعظم، وكان بيده مدرسة طرخان، وكان ساكناً بها، فأخذها منه، وأعطاها للزين محمد بن العتال تلميذ شرف الدين، فلم يتأثر، وأقام في بيته، يتردد إليه الناس.
ومات بدمشق، سنة سبع وثلاثين وستمائة، رحمه الله تعالى.
479 - إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن موسى الكناني
البلبيسي، نزيل القاهرة، القاضي
مجد الدين، أبو محمد
ولد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة.
وتفقه، ومهر، وطلب الحديث بنفسه، فسمع من أولاد الفيومي الثلاثة: إبراهيم، ومحمد، وفاطمة، وغيرهم، ورافق الشيخ جمال الدين الزيلعي في الطلب، وكان متثبتاً لا يحدث إلا من أصله.
وأخذ فن الحديث عن الحافظ مغلطاي، وعن القاضي علاء الدين التركماني.
وتفقه بفخر الدين الزيلعي، وغيره، ومهر في الشروط، وصنف في الفرائض، والحساب، وناب في الحكم.
وكان ديناً، فاضلاً، أديباً، عفيفاً، حسن المفاكهة، جيد المحاضرة.
شرح " التلقين " لأبي البقاء، في النحو، وصنف في الشروط، وكان القاضي تاج الدين ابن الظريف، مع مهارته في الفرائض والحساب، يُثني على تصنيفه فيهما، واختصر " الأنساب " للرشاطي، وأضاف إليها " زيارات الأنساب " لابن الأثير، اختصاره من كتاب أبي سعد ابن السمعاني.
ولم يزل على حالته حتى ولي القاضي شمس الدين الطرابلسي، فاتفق له معه شيء، فامتنع من النيابة، إلى أن قدر أن استدعاه الملك الظاهر، فخلع عليه، وفوض إليه قضاء الحنفية، فباشره بصلابة، ونزاهة، وعفة، وتشدد في الأحكام، وفي قبول الشهادة، ولم يتفق أنه عدل من الشهود أحداً في مُدة ولايته، إلا اثنين، وأبغضه الرؤساء، لرد رسائلهم.
وذكر بعض من يعرفه أنه قد حصل له في المنصب بعض خمول، وانقباض من الناس عنه، وذلك بسبب أنه كان يزهو بنفسه، ويرى أن المنصب دونه، لما كان عنده من الاستعداد، ولما في غيره من النقص في العلم والمعرفة، فانعكس أمره لذلك، واشتهر عنه أنه كان إذا رأى المكتوب عرف حاله من أول سطر بعد البسملة غالباً.
وكان عزله من المنصب، في شعبان، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، فانصرف إلى منزله بالسيوفية، وأقام فيه بطالاً، ولكنه يشغل الطلبة، ويحضر الوظائف التي كانت بيده قبل القضاء، وضاق حاله، وتعطل إلى نُسى كأن لم يكن شيئاً مذكوراً.
وكان الظاهر يتفقده بالصدقات، فلما مات الظاهر كف بصره، وساءت حاله إلى الغاية.
ومات في شهر ربيع الأول، سنة اثنتين وثمانمائة.
وكان كثير النظم، جيد الوزن فيه، إلا أنه لم يكن بالماهر في عمله، وله أشياء كثيرة من قسم المقبول، كقوله:
لا تَحْبَسَنَّ الشِّعْرَ فَضْلاً بَارِعاً ... ما الشعرُ إلا مِحْنَةٌ وَخَبَالُ
فالْهَجْوُ قَذْفٌ والرِثَاءُ نِيَاحَةٌ ... والْعَشْبُ ضِغْنٌ والمديحُ سُؤالُ
480 - إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن نوح بن زيد
ابن نعمان بن عبد الله بن الحسن بن زيد بن نوح، أبو محمد
النوحي، النسفي، الإمام، الخطيب
من أهل نسف.
كانت ولادته في شعبان، سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة بسمرقند.
سمع أبا العباس جعفر بن محمد المُستغفري.
روى عنه أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد النسفي الإمام نجم الدين.
له ذكر في " طلبة الطلبة ".
ذكره السمعاني، وقال: كتب الحديث بسمرقند.
وتُوفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، رحمه الله تعالى.
تفقه على أبيه إبراهيم، المتقدم ذكره، رحمهما الله تعالى.
482 - إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن علوي، الدمشقي
المعروف بابن الدرجي