عنه وأقعده فإن عجز عنه من هذا الجانب جاءه من جانب الغلو والوسواس والشكوك وتعدي الحدود في الطاعة فأفسدها عليه فإن عجز عنه من جانب الطاعات جاءه من جانب المعاصي فينظر أقوى المعاصي هدما لدينه فأوقعه فيها فإن عجز عنه من هذا الجانب حاوله من جانب أسهل فأوقعه فيها دونها من المعاصي فإذا وقع في شرك المعاصي فقد نال الشيطان منه بغيته فإن المرء متى كسر حاجز المعصية أصبحت المعصية هينة عليه صغيرة في عينه يقللها الشيطان في نفسه تارة ويفتح عليه باب التسويف تارة يقول له هذه هينة افعلها هذه المرة وتب إلى الله تعالى فباب التوبة مفتوح وربك غفور رحيم فلا يزال به يعده ويمنيه وما يعده إلا غرورا فإذا وقع في هذه المعصية التي كان يراها من قبل صعبة كبيرة وهانت عليه تدرج به الشيطان إلى ما هو أكبر منها وهكذا أبدا حتى يخرجه من دينه كله ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا التدرج فيما رواه الإمام أحمد عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وذا بعود حتى أنضجوا خبزهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه» .
عباد الله احذروا مكايد الشيطان ومكره فإنه يتنوع في ذلك ويتلون فهذا يأتيه من قبل الإيمان والتوحيد فيوقعه في الشك أحيانا وفي الشرك أحيانا وهذا يأتيه من قبل الصلاة فيوقعه في التهاون بها والإخلال وهذا يأتيه من قبل الزكاة فيوقعه في البخل بها أو صرفها في غير مستحقها وهذا يأتيه من قبل الصيام فيوقعه فيما ينقضه من سيء الأقوال والأفعال وهذا يأتيه من قبل الحج فيوقعه في التسويف به حتى يأتيه الموت وما حج وهذا يأتيه من قبل حقوق الوالدين والأقارب فيوقعه في العقوق والقطيعة وهذا يأتيه من قبل الأمانة فيوقعه في الغش والخيانة وهذا يأتيه من قبل المال فيوقعه في اكتسابه من غير مبالاة فيكتسبه عن طريق الحرام بالربا تارة وبالغرور والجهالة تارة ويأخذ الرشوة أحيانا وبإهمال عمله تارة إلى غير ذلك من أنواع المعاصي وأجناسها التي يغر بها الشيطان بني آدم ثم يتخلى عنهم أحوج ما يكونون إلى المساعد والمعين اسمعوا قول الله تعالى في غرور الشيطان لأبوينا آدم وحواء حين أسكنهما الله تعالى الجنة وأذن لهما أن يأكلا رغدا من حيث شاءا من أشجارها وثمارها سوى شجرة واحدة عينها لهما بالإشارة {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: 35] ولكن الشيطان وسوس لهما وقال: