الخطبة العاشرة
في حياة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا حكمته البالغة في شرعه وخلقه وتقديره فإنه سبحانه اختار نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم للرسالة إلى الخلق بهذا الدين الكامل لينشره بين العالمين واختار له من الأصحاب أفضل الناس بعد النبيين أبر هذه الأمة قلوبا وأعمقها علما وأقومها عملا وأقلها تكلفا جاهدوا في الله حق جهاده في حياة نبيهم وبعد وفاته فنصر الله بهم الدين ونصرهم به وأظهرهم على كل الأديان وأهلها.
كان منهم الخلفاء الراشدون الأئمة المهديون الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون فكانت خلافتهم أفضل خلافة في مستقبل الزمان وماضيه تشهد بذلك أفعالهم وتنطق به آثارهم أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان وأبو حفص الفاروق عمر بن الخطاب وأبو عبد الله ذو النورين عثمان بن عفان وأبو الحسن ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. وكان أفضلهم خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفيقه في الغار الذي نطق بما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية حين اشتد الأمر على كثير من المهاجرين والأنصار وثبت الله به المسلمين يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ونصر الله به الإسلام حين ارتد من ارتد من العرب بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم. وكان من بركته على هذه الأمة ونصحه لها ووفور عقله وصدق فراسته أن استخلف على الأمة بعده وزيره وقرينه عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء فإن يك في أمتي فإنه عمر» . وقال صلى الله عليه وسلم يخاطب عمر «والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك» وسأل عمرو بن العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الرجال إليه فقال أبو بكر «قال ثم من قال ثم عمر بن الخطاب وعد رجالا» . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينزع من بئر فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين - يعني دلوا أو دلوين - قال ثم أخذها ابن الخطاب من يد أبي بكر