الباقي على الخاطب وهكذا تكون الرجولة وتقدير المسؤولية والنظر للعواقب والمستقبل ومن المعلوم أن هذين الرجلين الفاضلين لن يقصرا في تجهيز ابنتيهما بما يليق بأمثالهما وهكذا ينبغي أن يكون كل ولي ينظر لمصلحة الزوجة لا للمال فالمال عرض يزول ويعود فكم من غني افتقر ومن فقير اغتنى.
أما العقبة الثانية فهي ما حدث في هذه الأيام من الإسراف البالغ في الولائم يدعو الزوج وأهل المرأة جمعًا كبيرًا يحضر منهم من يحضر ويتخلف من يتخلف وأكثر من يحضر لا يحضر إلا مجاملةً أو قيامًا بما أوجب الله عليه من الحضور إذا كانت الوليمة وليمة الزوج ذلك أن الزوج إذا دعاك إلى وليمته في العرس كان واجبًا عليك أن تحضر إلا لعذر شرعي ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله.
وإن هذا الإسراف البالغ في الولائم لممَّا نهى الله عنه وفاعله معرض نفسه لعدم محبة الله له قال الله تعالى {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141] فهل ترضى أيها المؤمن أن تفعل شيئًا لا يحبك الله من أجله هل ترضى أن تقع فيما نهاك الله عنه هل ترضى أن تخرج بعملك هذا عن طريق عباد الرحمن الذين {إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] هل ترضى أن تجعل نفسك عرضة للناس باللوم والذم فإن الناس نراهم يلومون ويذمون من يسرف في هذه الولائم بل يعدون ذلك من السفه حيث أضاع ماله وأتعب أهله وأتعب بدنه وفكره في أمر يكون به مسرفًا ونرى الناس يمدحون ويثنون على من اقتصد في ذلك. وإن الإسراف في هذه الولائم يوجب أن تمتهن نعمة الله بهذا الطعام من عيش ولحم وغيرهما حيث لا تؤكل فترمى في الأسواق أو تضاع في البراري وكل هذا مخالف للشرع والعقل والرشد فإن العقل والرشد حسن التصرف في كل ما تفعل فاتقوا الله عباد الله واشكروا نعمة الله عليكم إن كنتم إياه تعبدون واذكروا زمانًا كان الواحد يتمنى فيه لقمةً أو تمرةً يسد بها جوعته وما من شيء ينتهي إلا انتهى.
وفقني الله وإياكم لصلاح ديننا ودنيانا ورزقنا القصد في الفقر والغنى وحمانا من البخل والإسراف إنه جواد كريم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.