الخطبة الخامسة
في حكم بيع البيوت المرهونة الحمد لله الغني الحميد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو على كل شيء شهيد وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بالرحمة والقول السديد والعمل الرشيد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس فإن مما أسسته الحكومة وفقها الله تعالى صندوق بنك التنمية العقاري تريد من جملة ما تريد من ذلك توفير المساكن الحديثة لشعبها ولكن مع الأسف الشديد أن بعض الناس استغل ذلك استغلالًا سيئًا يتضمن الكذب والخداع وأكل المال بالباطل ومخالفة مقتضى التعاقد مع هذا الصندوق بطرق ملتوية لا يجدر بالمؤمن بالله واليوم الآخر أن تصدر منه وسبق أن بيَّنَّا صورةً من هذه الاستغلالات السيئة مثل الذين يقدمون طلبات بأسماء مزورة يجعل الطلب باسم زوجته وهو له أو باسم ولده وليس لولده لكن يفعل ذلك تزويرًا وقد ارتدع عن ذلك من شاء الله هدايته وفتح بصيرته وأزال عنه غشاوة الطمع ثم وفق الله الحكومة إلى إلغاء هذه الصورة فيما نسمع.
ثم أحدث الناس قضية أخرى وهي بيع البيوت التي استقرضوا لها من البنك ورهنوها إياه سمعت بهذا من عدة أشهر وكنت أقدم رِجْلًا وأؤخر أخرى في الكلام فيه نظرًا لقلة وجوده من جهة وتمعنًا في تصوره وتطبيقه على القواعد الشرعية من جهة أخرى حتى علمت الآن أنه شائع كثير في بلدنا وغيرها يبيع المستقرض هذا البيت الذي رهن أرضه وما عليها للبنك والتزم بالقرض في ذمته وحيث علم هؤلاء أن بيع المرهون لا يصح إلا بإذن من المرتهن صاحب الحق وأن البنك لا يسمح ببيعه وكُتَّاب العدل لا يفرغون للمشتري صاروا يكذبون على كُتَّاب العدل ويخادعونهم فيذهب البائع والمشتري إلى كاتب العدل ويدعي البائع أنه أجره البيت أو وكله عليه بقدر المدة التي يستوفي بها البنك قرضه ووكله أيضًا بدفع قسط القرض إلى البنك كل سنة. والله تعالى يعلم أنه لا تأجير ولا وكالة وإنما هو بيع مغلف بكذب وخداع. ألم يعلم هؤلاء أن الله سيسألهم عما نطقوا به {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] هكذا يقول الله عز وجل ويقول بعدها {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: 19] أفلا يذكر هؤلاء سكرة الموت لعلها توقظهم من سكرة الطمع والجشع المفضية