أما الدين المؤجل، فإن كان موثقا برهن يكفيه لم يسقط به وجوب الحج، فإذا كان على الإنسان دين قد أرهن به طالبه ما يكفي الدين، وبيده مال يمكنه أن يحج به، فإنه يجب عليه الحج؛ لأنه قد استطاع إليه سبيلا، أما إذا كان الدين المؤجل غير موثوق برهن يكفيه فإن الحج لا يجب عليه حتى يبرأ من دينه.
والاستطاعة بالبدن أن يكون الإنسان قادرا على الوصول بنفسه إلى البيت - أي مكة - بدون مشقة، فإن كان لا يستطيع الوصول إلى البيت، أو يستطيع الوصول لكن بمشقة شديدة كالمريض، فإن كان يرجو الاستطاعة في المستقبل انتظر حتى يستطيع، ثم يحج، فإن مات حج عنه من تركته، وإن كان لا يرجو الاستطاعة في المستقبل كالكبير والمريض والميؤوس من برئه، فإنه يوكل من يحج عنه من أقاربه أو غيرهم، فإن مات قبل التوكيل حج عنه من تركته. وإذا لم يكن للمرأة محرم، فليس عليها حج؛ لأنها لا تستطيع السبيل إلى الحج، فإنها ممنوعة شرعا من السفر بدون محرم. قال ابن عباس رضي الله عنهما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل، فقال: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انطلق فحج مع امرأتك، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحج مع امرأته» مع أنه قد كتب مع الغزاة، ولم يستفصل منه النبي صلى الله عليه وسلم هل كانت امرأته شابة، أو كان معها نساء أو لا، وهو دليل على أن المرأة يحرم عليها السفر على أي حال وعلى أي مركوب طائرة أو سيارة إلا بمحرم وهو زوجها، وكل من يحرم عليه نكاحها تحريما مؤبدا كالأب، وإن علا، والابن وإن نزل، والأخ وابن الأخ، وإن نزل وابن الأخت، وإن نزل، والعم والخال سواء كان ذلك من نسب أو رضاع، وكأب الزوج، وإن علا، وابنه، وإن نزل، وزوج البنت، وإن نزلت، وكزوج الأم، وإن علت إذا كان قد دخل بها. ولا بد أن يكون المحرم بالغا عاقلا، فمن كان دون البلوغ لا يكفي أن يكون محرما؛ لأن المقصود من المحرم حفظ المرأة وصيانتها وهيبتها، وذلك لا يحصل بالصغير.
أيها المسلمون من رأى نفسه أنه قد استكمل شروط وجوب الحج، فليؤده، ولا يتأخر، فإن أوامر الله ورسوله على الفور بدون تأخير، والإنسان لا يدري ما يحصل في المستقبل، وقد يسر الله، وله الحمد لنا في هذه البلاد ما لم ييسره لغيرنا من سهولة الوصول إلى البيت، وأداء