الخطبة التاسعة
في التحذير من بعض ملابس النساء إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، والتزموا بما أوجب الله عليكم من رعاية النفس والأهل والقيام بما شرعه الله لكم ورسوله، فإن ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون لقد حملكم الله تعالى رعاية أهليكم وأداء الأمانة فيهم، فلا مناص لكم عن ذلك، ولا تخلص لكم منه إلا بأن تقوموا به ما استطعتم.
أيها المسلمون لقد شاع عند بعض الناس، وهان عليهم أن يلبسوا بناتهم لباسا قصيرا أو لباسا ضيقا بين مقاطع الجسم أو لباسا خفيفا يصف لون الجسم، وإن الذي يلبس بناته مثل هذه الألبسة، أو يقرهم عليها، فإنما يلبسهم لباس أهل النار كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، رؤسهن كأسنام البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن رائحتها، وإن ريحها ليوجد من مسافة كذا وكذا» ، أيها المسلم هل ترضى أن تكون ابنتك وثمرة فؤادك من أهل النار؟ هل ترضى أن تلبسها لباسا تتعرى به من الحياء مع أن الحياء من الإيمان؟ هل ترضى لابنتك أن تعرضها كما تعرض السلع مجملة فاتنة يتعلق بالنظر إليها كل سافل رذيل؟ هل ترضى أن تخرج من عادات أسلافك التي هي من آداب القرآن والسنة إلى عادات قوم أخذوها من اليهود والنصارى والوثنيين وعابدي الطبيعة؟ أما علمت أن هؤلاء القوم الذين غرقوا في بحر هذه المدنية الزائفة، واكتسوا بهذه الأكسية العارية، أما علمت أنهم الآن يئنون من وطأتها، وأنهم يتمنون بكل نفوسهم الخلاص من رجسها؛ لأنهم عرفوا غايتها، وجنوا ثمراتها، وبئس الغاية ما وصلوا إليه، وبئس الثمرة ما جنوا لأنفسهم. أيها المسلمون إننا إذا لم نقاوم هذه الألبسة، ونمنع منها بناتنا، فسوف تنتشر في بلدنا، وتعم الصالح والفاسد كالنار