[الخطبة الثالثة في وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به]

الخطبة الثالثة

في وجوب شكر نعمة الإسلام بالعمل به الحمد لله الغني الجواد الكريم الرؤوف بالعباد من علينا بنعم لا يحصى لها تعداد ويسر لنا من فضله وجوده حتى عم الرخاء الحاضر والباد ورزقنا أمنا واستقرارا حتى أصبح الواحد يسيرا آمنا لا يخاف إلا الله في جميع البلاد.

أحمد وأشكره وكلما شكر زاد وأشهد أن لا إله إلا هو واسع الجود فما لما عنده نفاد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الشاكرين على النعم وأعظمهم صبرا على ما لا يراد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم التناد وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا ربكم واشكروه فلقد تأذن ربكم لئن شكرتم لآزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد.

أيها الناس: أما ترون نعم الله تترى عليكم في كل وقت وحين وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. أما ترون إلى نعمته عليكم بدين الإسلام حيث أنشأكم في بيئة مسلمة تقرأ كتاب الله تعالى وتسمع من سنة رسوله أنشأكم في بيئة تقام بها الصلوات ويدعى إليها بالآذان بأعلى الأصوات أنشأكم في بلاد لا ترى ولله الحمد فيها كنيسة ولا صومعة وإنما هي مسجد ومدرسة حتى صار الإسلام كأنما هو طبيعة من الطبائع وغريزة من الغرائز لا يشق عليكم نيله وإدراكه وهذه والله أكبر النعم فاشكروها أيها المسلمون حق شكرها اشكروها بالتمسك بها وارعوها حق رعايتها فلئن لم تفعلوا لتسلبن عنكم هذه النعمة ويحل بدلها شعار الكفر والبدع والضلال لئن لم تشكروها بالتمسك بها لتفتحن في بلادكم مدارس النصارى وكنائس الرهبان إن العاقل ليقيس ويفهم فكما أن نعمة الأمن إذا لم تشكر أبدلت بالخوف ونعمة الرزق إذا لم تشكر أبدلت بالجوع كذلك نعمة الدين إذا لم تشكر أبدلت بالكفر: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد: 38] إن الإسلام أعز ممن ينتمي إليه فإذا لم يجد أناسا يعرفون قدر نعمة الله عليهم به ويعضون عليه بالنواجذ ويرونه غنيمة ادخرها الله لهم فسوف يرتحل عنهم إلى غيرهم وسيجعل الله على هذه الأرض طائفة على الحق حتى يأذن الله بخراب العالم قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لايضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله» .

أيها الناس أما ترون إلى ما أنعم الله به عليكم من نعمة الأمن والاستقرار يسافر الرجل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015