ليعرف الغني قدر نعمة الله عليه بالإيسار فيشكره عليها ويلتحق بالشاكرين ويعرف الفقير ما ابتلاه الله به من الفقر فيصبر عليه وينال درجة الصابرين {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وهو مع ذلك لا يزال يسأل ربه الميسرة وينتظر الفرج من رب العالمين قسم الله الرزق بين عباده لتقوم مصالحهم الدينية والدنيوية فلو بسط الرزق لجميع العباد لبغوا في الأرض بالكفر والطغيان والفساد ولو ضيق الرزق على جميعهم لاختل نظامهم وتهاوت من معيشتهم الأركان لو كان الناس في الرزق على درجة واحدة لم يتخذ بعضهم بعضا سخريا لم يعمل أحدهم للآخر صنعة ولم يحترف له بحرفة لأن الكل في درجة واحدة فليس أحدهم أولى بهذا من الآخر أين الرحمة والعطف من الغني للفقير إذا قدرنا أن الناس كلهم في درجة واحدة أين الموقع العظيم الذي يحصل بصلة الأقارب بالمال إذا كان الكل في درجة واحدة إن هذا وأضعافه من المصالح يفقد لو تساوى الناس في الأرزاق ولكن الحكيم العليم قسم بينهم أرزاقهم وأمر الأغنياء بالشكر والإنفاق وأمر الفقراء بالصبر وانتظار الفرج من الكريم الرزاق فعلينا معشر المسلمين أن نرضى به ربا فنرضى بقسمه واقداره وأن نرضى به حكما فنؤمن بحكمه وأسراره أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [العنكبوت: 62] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم. . الخ.