ولو كان هذا لأحد بعده لم يكن فيه معجزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يبق أحد منهم إلا وقع في عينيه من ذلك التراب شيء وهم نحو أربعة آلاف رجل، فهزمهم الله بسبب هذه الرمية حقيقة، لا عندها، ولا معها، بل بها.
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: "ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم" 1، على حقيقته، فإن الله هو الذي حملهم بأن يسر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك حمولة، فحملهم بأمر الله، لأنه صلى الله عليه وسلم عبد مأمور منهي لا يفعل شيئاً إلا بأمر الله له، فنسبة الحمل إلى الله حقيقة قضاء وقدراً، وإلى من حملهم بإذن الله السببي الشرعي حقيقة لا مجازاً، وحمله إياهم أمر مقدرو عليه غير ممتنع، فكان من المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان متصرفاً بأمر الله، منفذاً له، فالله سبحانه أمره بحملهم، فنفذ أوامره، فكان الله هو الذي حملهم. وهذا معنى قوله: "إني لا أعطي أحداً شيئاً ولا أمنعه" 2.