وأنها تنسب مجازاً -كما توهمه الغبي الأكبر- ولم يرد تعليم أمته أن الاستغاثة إنما تنسب للمخلوق مجازاً، فإن ما جاء به الكتاب والسنة دال على إضافة الفعل لمكتسبه، ومن قام به، ولذلك رتب الثواب والعقاب والجزاء والحساب.
ولم يقل قول هذا العراقي إلا القدرية المجبرة، ومن نحا نحوهم من الجهمية، ورد عليهم أهل السنة -بما يطول ذكره- نقلاً وعقلاً.
وقالوا: لو كان مجازاً لصح نفي أفعال المكلفين عنهم، وكانوا بمنزلة الجمادات التي يحركها الغير، ويفعل بها من غير قصد لها ولا اخيار، ويكون التعذيب والعقاب يرجع إلى مجرد المشيئة والإرادة، من غير فعل للعبد يستحق به الثواب والعقاب.
ويقال أيضاً: الأفعال العادية القائمة بفاعلها تنسب إليه، وتضاف إليه حقيقة من إضافة الفعل إلى فاعله، فيقال: أكل وشرب، وقام وقعد، وحكى ودعا واستغاث، حقيقة لا مجازاً، بإجماع العقلاء، ولم يخالف في إضافة الأفعال إلى فاعلها حقيقة إلا من هو من أجهل الناس، وأضلهم على سواء السبيل.